بقدر ماأثار قيام المرشد الاعلى للنظام الايراني بفرض قاضي الموت ابراهيم رئيسي في إنتخابات الرئاسة التي تمت هندستها لتکون النتيجة کما يريدها خامنئي، فإن ذلك کان أمرا منتظرا متوقعا لمن له خبرة ودراية بهذا النظام خصوصا وإنه يستخدم کل الوسائل والاساليب من أجل ضمان بقائه وإستمراره، إذ أن خامنئي قد أدرك تماما بأن لعبة الاصلاح والاعتدال لم تعد تنفع وإنها صارت مفضوحة ومکشوفة في داخل وخارج إيران وبعد أن تيقن بأن الازمة التي يواجهها النظام هي أکثر خطورة وتهديدا مما قد يمکن تصوره وإن النظام محاصر داخليا وخارجيا، فإنه لم يجد أمامه من مناص کي يرمي کل الاردية والاقنعة المزيفة والمصطنعة التي ظهر بها النظام على مر العقود الاربعة ويسفر عن الوجه الحقيقي للنظام ومن دون أي رتوش وجعل من الرجل الذي لايزال يتفاخر بکونه أبرز المشارکين في جريمة إبادة 30 ألف سجين سياسي، رأس حربته.
رئيسي الذي کشف عن الفهم المشوه والقرووسطائي لنظامه لحقوق الانسان عندما قال في معض أجابته لسٶال للمراسلين الاجانب عن دوره في مجزرة عام 1988، فقال بصلافة ليس بعدها من صلافة: “كل ما فعلته خلال سنوات خدمتي كان دائما موجها نحو الدفاع عن حقوق الإنسان”، وإن قتل وإبادة 30 ألف سجينا سياسيا کانوا يقضون أساسا فترات محکومياتهم بالسجن لأعوام، متفاوتة وإعدامهم بصورة وحشية بحيث لم تکن فترات محاکمتهم تستغرق أکثر من دقيقتين أو ثلاثة، عندما يفسره هذا السفاح بأنه کان دفاعا عن حقوق الانسان فإن ذلك لوحده کاف ولايحتاج أي تعليق من أجل فهم حقيقة هذا النظام ومعدنه الاساسي.
الطريق الذي يسلك فيه خامنئي ورئيسه المفروض على الشعب الايراني، هو طريق يمکن وصفه بطريق اللاعودة ذلك إن المنطق والاسلوب الذي يخاطب ويتعامل به هذا النظام هو منطق واسلوب لم يعد له من مکان وإعتبار في هذا العصر وإن عجلات التأريخ لايمکن أبدا من إرجاعها الى الخلف ومن دون شك فإنه سيحدث الاصطدام کما يمکن توقعه لأن الثنائي خامنئي ـ رئيسي لايمکنهما أبدا من أن ينقذا النظام من مصيره بهذا الاسلوب والمنطق بل وإنهم سيعمقون من أزمته وسيصعدون من عملية مواجهته ورفضه داخليا کما سيوسعون من عزلته الدولية ويساهمون بتشديدها أکثر فأکثر، وإن الجنرال أزهاري الذي فرضه الشاه في أيامه الاخيرة کرئيس للوزراء من أجل أن ينقذ النظام ولم يحصد سوى الفشل والخيبة فإن قاضي الموت ابراهيم رئيسي لايمکن أبدا أن يحقق نتيجة أفضل من سلفه هذا إن لم تکن أسوأ منه بکثير.