23 ديسمبر، 2024 6:00 م

خالد مطلك يطمئن على “قلقي”

خالد مطلك يطمئن على “قلقي”

في صفحته على “فيسبوك” كتب الصديق الشاعر خالد مطلك قطعة ادبية تصلح منطلقا لحركة تنوير ثقافي  بعد ان اخذت سحب الظلام والعمى الطائفي تزحف على ما تبقى من ارواحنا لتزيد من مساحة التصحر فيها .. يقول خالد “عانى مثقفو اوربا ثلاثة قرون من الزمن من اجل مشروعهم التنويري وعاش بعضهم مصائر مأساوية في سبيل أفكاره ، جورداينو برينو قطع لسانه ورمي جسده في النار ، وكوبرنيكوس نجا من مصير مشابه لان كتابه تأخر عن الصدور بعد موته بليلة واحدة ، غاليلو تراجع عن طروحاته تحت التهديد ، وصدرت بحق سبينوزا أسوأ فتوى تلهج باقذر دعاء ، فولتير تنقل بين سجن
 الباستيل والمنافي ، وجون لوك اضطر للهروب من بلده ، وقدم كانت اعتذارا مهينا عن كتابه ( الدين في حدود العقل ) .على المثقف اليوم ان لا يعتقد ان مهمته يسيرة ، فأمامه معركة طويلة قد تستمر لأجيال متعاقبة ضد الحالمين بدولة الخلافة والعودة الى زمن السبايا ونحر الرؤوس وجدع الأنوف وتقطيع الاوصال ، وكذلك ضد الحالمين بالدكتاتورية والطغيان والجنون . فعلى جانبيه يخوض المثقف معارك مع الجهل والأمية والطائفية واستعداء الدهماء والتخوين وسواها من الأساليب البربرية ، عليه ان يمضي بأفكاره الى النهاية ، ولا يلتفت الى معوقي الأرواح والعقول . معركة
 الحداثة هي اخر معاركنا التاريخية فلابد من خوضها بشرف”. من جانبي كتبت اقول ” هذه الازمة ياخالد افرزت حقائق ماساوية كثيرة من اهمها ان لدينا اكاذيب لا مثقفين الا نفر ضال من امثالك .. نعم نفر ضال بالنسبة للدهماء من المثقفين ممن يرقصون الان على انغام وقع طبول الحروب الطائفية .. واذا كنت تتحدث عن مثقفي اوربا ممن صنعوا مجدها اللاحق بعد الحروب التي كانوا طرفا فيها شاؤوا ام ابوا فان الفيس بوك فضح مثقفينا الذين بات بعضهم مع المشروع الايراني ضد المشروع القطري  التركي السعودي وبالعكس .. بينما المفروض ان يخوض المثقفون حربهم المقدسة ضد
 المشروعين معا لان كليهما ظلامي وتافه ومنحط “. خالد وجد في ردي ما يستحق التعليق فكتب قائلا “هذا امر جيد ابو علي ان تفرز الحقائق ، لا تقلق صديقي”. هذا الحوار الفيسبوكي بيني وبين الصديق خالد يوضح في جانب منه ابعاد ازمتنا الراهنة التي هي ازمة سياسية ـ اجتماعية ـ ثقافية والاهم انها ازمة “وعي مغّيب”  بالمخاطر التي نواجهها. وحين اقول ازمة وعي مغيب فلان من ابرز شروط الوعي هو الانتباه الى حقيقة مابات يعرف اليوم بـ”مجتمع المخاطر” بلغة عالم الاجتماع اورليش بك الذي صاغ هذا المصطلح عام 1992 حين بدات تطغى سلسلة من المخاطر المجتمعية التي تتصل في
 الغالب بقضايا الاستهلاك والتلوث البيئي وتغير المناخ والركود الاقتصادي, لكنها لاتتصل بالهوية. وبما ان اشكاليتنا الكبرى اليوم هي الهوية فان ما يقلقني هو ان غالبية مثقفينا الذين يفترض ان يتقدموا الصفوف مثل نظرائهم الاوربيين قبل قرون في تكريس الهوية الوطنية بداوا يتزاحمون في ابراز هوياتهم الفرعية بل  والافتخار بها. ومع ان خالدا اطمئن على “قلقي” فهل من سبيل للاطمئنان على وطن كثرت سكاكينه؟