عندما خرج الشعب العراقي بتظاهرات, ورفعوا شعارات منها (أصحى يا شعب باكوك نوابك) , وأصبح أسم المجلس المتداول في الشارع مجلس النهاب بدلا من النواب, أحتج عدد من النواب على تلك المسميات والشعارات, وكان جوابهم حرفيا “نحن سلطة تشريعية, لا نملك حولا ولا قوة, كما أن كل الصفقات تحدث في أروقة الوزارات وليست تحت قبة البرلمان”!
حتى أن هذا الحديث أصبح شعارا رسميا, ردده كثير من ببغاوات البرلمان ظنا منهم أن الشارع العراقي ساذج, فكل مواطن عراقي يعرف حقيقة التعيينات, وكيف تحولت الى ورقة ضغط على الشارع العراقي؟ لاسيما الخريجين, وكيف يطبق بعض الحرامية في المجلس مبدأ تجويع البطون وأستعباد العقول؟, وكيف تباع المناصب و الوزارات؟ فمجلس النواب من يشكل الحكومة , ويختار الرئيس ورئيس الوزراء ويوافق على التشكيلة الحكومية.
بإختصار مجلس النواب الكل بالكل, وكل مآسينا سببها بعض الحثالات التي تمكنت من الوصول الى قبة البرلمان, بسبب شراء الذمم, وأستغلال حاجة الشعب العراقي الذي تحول أكثر من 950 الف شخص منه الى متسولين في عموم المحافظات وتقاطعات الطرق في بغداد وحدها خير شاهد على ذلك.
رؤساء الوزراء بدورهم بالتتابع فضلوا الصمت, منذ عام 2005 ولغاية الآن فقد اختاروا الأبتعاد عن مواجهة كبار الحرامية المختبئين خلف حصانتهم, ربما بسبب مصالح مشتركة , أو خوفا من أستجوابات مفتعلة أصبحت وسيلة جباية أخرى.
أستجواب مؤجل منذ أكثر من عام لوزير الدفاع خالد العبيدي ,كان من المتوقع أن يكون تقليديا, الا أن العبيدي قلب الموازين هذه المرة, ووقع مالم يكن بحسبان المافيات تحت قبة البرلمان, فمنذ عام 2003 ولغاية الآن لم يجرؤ أحد من المسؤولين على كشف الحقائق, ووضع اليد على الجرح لنحل أحجية وطن غني وشعب فقير.
ما كشفه العبيدي غيض من فيض فساد طبقة سياسية, باعت العراق أرضا وشعبا وتاريخا, ولو أن كل وزير أو مسؤول تجرأ على كشف المستور لما أستباح الدواعش أرض العراق, ولما أصبحت أيامنا دامية, ومقابرنا جماعية.
أسباب العجز والفشل السياسي باتت واضحة, خصوصا أن كل رئيس وزراء سيصبح تحت رحمة مافيات تدافع عن كيانها ووجودها وأمتيازاتها, وأيا كانت حقيقة الخلافات بين وزير الدفاع ومن كشف اوراقهم, وبغض النظر عن مجريات تلك القضية هناك حقيقة واحدة فقط, أن هناك مافيات منظمة تحت قبة البرلمان!