23 ديسمبر، 2024 12:50 م

خالد العبيدي؛ هذا الرجل..!

خالد العبيدي؛ هذا الرجل..!

الذي في خلال عشرة أيام لا أكثر..عشرة أيام، يذهب إلى أمريكا، فيعقد اجتماعات مع وزراء دفاع دول عديدةويظهر في مؤتمرات صحفية، ومع أبناء الجالية العراقية، ويحاضر في كلية الدفاع الوطني، وفي مركز الأمن الأمريكي، محاطاً في كل ذلك بحفاوة بالغة وهالة إعلامية لا تتناسب مع طبيعة مركزه ووظيفته.ثم يرجع للعراق، فيجتمع مع هادي العامري وإبراهيم الجعفري والسيد عمار الحكيم وعدداً من النواب وممثل الأمين العام، وخلال اجتماعاته تلاحظ تصاعد نبرة امتداحه لدور الحشد وإيران…ثم بعد أيام يحضر جلسة استجواب، وإذا به يطلق كماً كبيراً من الاتهامات، معززاً اتهاماته باليمين “والله العظيم”!! مركزاً على إخوة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري (رغم أن سليم الجبوري لا إخوة له !!). ورغم أنني لا أريد أن أدافع عن الفاسدين المقرفين، لكن استخدام أسلوب شتم النواب في مجلس النواب وإلقاء التهم جزافاً لا يمكن أن يكون وسيلة إصلاح أبداً.هذا الرجل…الذي يدغدغ مشاعر الشيعة الناقمين على الفساد وسوء الخدمات بشتم الفاسدين وتوزيع التهم يميناً وشمالاً…الذي يدغدغ مشاعر السنة في العراق باستخدام عبارات كان يستخدمها صدام مثل: يخسه شاربك، يكذب شاربك!!!ثم بعدها يذهب لزيارة الإمام الكاظم، وبعدها يذهب لزيارة أبي حنيفة، وبعدها يزور دار للأيتام، ويلتقط صور وهو يقبل بحنان يتيماً، بل ويتبنى يتيماً مسكيناً لأنه قال إن خالد العبيدي هو والده…كل هذا في عشرة أيام وأقل..وفي أثناء كل هذه الأحداث المتسارعة تشتعل مواقع الفيسبوك المشبوهة، والتي الكثير منها تابع لجهات مشبوهة مجهولة الأصل والأهداف والتمويل، بالإضافة لصفحات البعثيين، تشتعل بمدحه، ومدح بطولته ونزاهته ورجولته، وأنه هو الذي سينقذ العراق من الفاسدين، وهو العلاج لمشاكل العراق…هل يمكنني أن أصدق أن كل هذا صدفة.. كلا بالطبع، كلا وألف كلا. سيعترض علي البعض بالقول أن العراق ليس مصر مثلاً، وأن نجاح الإنقلاب عملياتياً غير ممكن..صحيح، أنا أتفق مع هؤلاء، لا يمكن للانقلاب العسكري على النمط المصري أن ينجح، لكن الانقلاب المصري أيضاً لم يكن على النمط الجزائري، والانقلاب العراقي سيختلف أيضا، لتلبية ظروف البيئة العراقيةعلى أية حال، فالطريق تم تمهيده للرجل على عدة محاور، فهو يبدو لمعظم السياسيين والناس ليس طائفياً…وقد تم تلميع صورة الرجل ليبدو كرجل نزيه محارب للفساد…ثم وعلى مدى أشهر بل سنوات مهدت حملة شعواء شرسة الطريق له فأسقطت الطبقة السياسية، ليس هذا فحسب (وأنا هنا لا أدافع عن الفاسدين منهم) بل جعلت معظم الناس يعتقدون أن المشكلة ليست فقط في الأشخاص، بل في النظام السياسي، وأن ما يجب أن يسقط ليس الأشخاص الفاسدين بل النظام السياسي. وللأسف فإن معظم السياسيين أعانوا على أنفسهم، بفسادهم، وصراعهم على المناصب، وهوسهم بالاستحواذ، واستخفافهم وتلاعبهم بمشاعر وعقول الناس البسطاء. وفوق هذا وذاك فإن الرجل تربطه علاقة جيدة جداً مع معظم القوى والشخصيات السياسية الشيعية، وبالذات القوى القادرة على وقف الانقلاب في مراحله الأولى، فالقوى السنية لا تستطيع أن توقف الانقلاب.لذا، أعتقد أنه لن يكون انقلاباً بالشكل المألوف للإنقلاب، وإنما ربما يراد له أن يظهر وكأنه إنقاذاً للعراق من فوضى سياسية واجتماعية، وليس رغبة في خلق معادلة جديدة. في الأقل، ربما يمكن أن يتقلص الإنقلاب، ليصبح استحواذاً على المناطق السنية ووضع اليد عليها بعد تحرير الموصل، وبالتالي خلق معادلة سياسية جديدة في العراق. حتى حينه، سيبقى خالد العبيدي يلعب لعبة الرجل الطيب المسكين الوطني الأمين على العراق وشعبه، المنصف، غير الطائفي، حتى يخدع القوى السياسية والإقليمية القادرة في الوقت الحالي على قطع الطريق عليه. 
بعد أن يتحرك، إذا سارت الأمور وفق المخطط، ستختلف الأمور تدريجياً، وحينها سيستخدم سلاح التشهير وذريعة محاربة الفساد في ضرب كل القوى السياسية الفاعلة، وبقسوة. وسيجد له من بين الناس، سنة وشيعة، من يتفداه، فعملية غسيل العقول أديرت على مستوى عال من الحرفية خلال السنوات القليلة السابقة في العراق. 
هل أبالغ؟ ربما! هل هذا سبب في تجاهل ما أقول؟ كلا بالطبع!
في هذه الأيام العصيبة التي نعيشها، سوء الظن من حسن الفطن. لم يستطع عدونا أن ينتصر علينا في المواجهة، فحتماً سيلجأ إلى المكر والخديعة، تارة برفع المصاحف! وتارة بالدعوة إلى الرضا من آل محمد! أو شيء من هذا وذاك، واعذروني فإني قارئ جيد للتاريخ ومتأثر به كثيراً، حتى أنني لا أستطيع أن أبعد الأمثال التاريخية عن كلامي.