18 ديسمبر، 2024 7:12 م

مثل أيّ طفل لحوح.. كثير الأسئلة.. كنت أسأل جدتي على مائدة الإفطار : لماذا لا نأكل الطعام البائت؟!..
تقول : لأن جدّك كان أسداً ضرغاماً و هزبراً ضيغماً و قسوراً لا يأكل غير ما يصطاده من البرّ ..
قلت : و أين تودون بطعام البارحة؟!..
تقول : نرمي به إلى الماشية و القطط و الكلاب..
– لماذا لم تعطوه إلى الفقراء؟!..
– كان جدك لا يلبس خادماً سملاً ، و لا يكسي فقيرا بالي الثياب.. كان يشتري لهم الجديد في كل عيد..
– وأين يودي جدي بثيابه العتيقة المتهالكة الغسيل؟!..
– كان جدك يعتز بثيابه العتيقة ؛ لأن فيها رائحة أبيه و أجداده.. كانت ملابسه لا يتغيّر لونها.. كان يرتدي الثياب البيضاء، والثياب البيضاء لن يتبدل لونها ؛ لا كحال الثياب الملونة التي يستهلك ألوانها تكرار الغسيل..
– عندما مات جدي أين اوديتم بثيابه تلك؟..
– مازالت في خزانته القديمة تلك التي في غرفة أشيائنا القديمة..
– لماذا في الخزانة ولم يستعملها والدي؟..
– لقد ذاب أبوك مع الشباب الأربعيني من القرن الماضي في مشروع (مصطفى كمال أتترك) و لم ترق له تلك الثياب .. فقد استبدلها بالسدارة التركية و البدلة الغربية و ربطة العنق ، و لم يفتح خزانة ثياب جدك..
– لماذا لا تهدون خزانة ثياب جدي إلى متحف الفلكلور الشعبي في مدينتنا؟..
– لم نستطع أن نفعل هذا .. رغم حسن مقترحك هذا..
لأن جدك ترك لنا وصيّةً جاء فيها :
احفظوا ثيابي لحفيدي ..