نبحث دائمًا بعيدًا عن ما في داخل أنفسنا، نبحث عن شيء مجهول، شيء ربما لم نره ولا نعرفه، لكننا نتمناه في كل اللحظات. أحيانًا نعيش معه في واقع الحياة، لكنه في الحقيقة غير موجود. ربما هو جزء من بعض الأمنيات، لكنه ليس ضمن الأمنيات التي نتمناها في حياتنا الطبيعية. ويبقى السؤال المهم داخل أنفسنا: ما هو هذا الشيء ولماذا نعيش معه تلك اللحظات؟
ربما لأنه شيء جميل، والغاية من الوصول إليه هي تغيير المسار في حياتنا نحو الأجمل. وربما هو شيء أشبه بالمستحيل، لكننا أصبحنا ننظر إلى عقارب الساعة حتى تعيدنا إلى الماضي الذي ذهب ولم يرجع، لعلنا نحقق ذلك الشيء. وما زالت أرواحنا الجميلة تعيش معه أجمل لحظاتها وأجمل أحلام اليقظة، متمسكة به كأمنية من الماضي ربما لا تتحقق ولن تتحقق…
هذه هي الحياة الدنيا، نعيشها بفقرها وحرمانها ونحن نتمنى الأفضل، وعندما يأتي الأفضل نتمنى غير ما وصلنا إلى المرحلة التي نعيشها…
أسباب وأسئلة كثيرة ما زالت خافية في النفوس، يبددها الخوف أحيانًا أو ربما تصرفاتنا الطائشة في مرحلة من العمر والتي اعتبرت مع مرور الزمن أخطاء جسيمة وغير قابلة للتصحيح. ورغم أننا سائرون في طريق الرحيل، إلا أننا ما زلنا نعيش على أننا باقون لمرحلة زمنية قادمة…
هكذا خلق الإنسان بفطرته البسيطة، يخاف من المجهول وهو لا يعلم خيره من شره، ولا يرغب أن يعيش في حاضره لأنه يتمنى الأفضل منه ويتذكر ماضيه ولا يستفيد من أخطائه.
ما أحلى المفارقات في حياتك يا ابن آدم، تعيش في مراحل العمر متقلبًا في آرائك وأمنياتك، وما زالت الهواجس تعشعش داخل ذلك الجسد تبحث عن أحلام مفقودة وأمنيات مستعصية لا يمكن تحقيقها لأنها ذهبت مع مرحلة من مراحل العمر ومع محطة معينة لا يمكن لقطار العمر العودة إليها…
ما زلت أبحث في خاطرتي الصباحية مع أشعة الشمس الجميلة وهذا الصباح الربيعي الهادئ وأصوات الطيور الشجية فوق الشجرة وهي تردد ترتيلات الصباح. ورغم أننا لا نعرف لغة الطيور، إلا أننا نجدها منسجمة مع سمعنا وكأنها تعيش نفس ما نحن عليه. فجمالية صوتها ومناغاتها تضيف إلى واقعنا الصباحي شيئًا جميلًا آخر، وربما هدوء الصباح نفسه والأوراق الخضراء يضاف إلى صوتها الشجي وكلماتنا التي تنبع من ذلك القلب الصافي الذي يكتب كلماته بلا تراتيل وبلا مجاملات. كلمات تختزلها نقاط اللغة العربية، لكنها تنجمع في المعنى وفي مدلولاتها التي تذهب إلى نتيجة واحدة، بمضمون واحد نتيجة الخواطر الصباحية. فلكل وقت مقالة معينة، ولكل زمان ذكريات خاصة، ولكل صباح خواطر جميلة…