قد وضع المتظاهرون بكافة صنوفهم ومن يساندهم شعبيا” مطالب سياسية واضحة وناضجة بشكل كبير ، ويمكن وصفها بانها خارطة طريق سياسية للحفاظ على بقاء الدولة ونظامها تحت الاطار الديمقراطي .
فمطلب اقالة الحكومة ووضع قانون انتخابات عادل ، واستبدال المفوضية وحل البرلمان ، هي خطوات سياسية متتالية لاستبدال الطبقة السياسية عبر الادوات الديمقراطية وبديل آمن وسلمي عن الثورات المسلحة التي لا يمكن التنبؤ بمسارها ونهاياتها او حتى مستقبلها ، كما ان من ميزات هذه الخارطة بانها تمثل حل حكيم وواعي لادارة مستقبل العمل السياسي وادارة البلد وابعاد مخاطر التنازع والتصارع على السلطة كما يحدث في نهاية كل الثورات والانتفاضات ، وكأن العراقيين والمتظاهريين منهم تحديدا” قد عايشوا الديمقراطية لسنوات عديدة وتغلغل في عقولهم مفاهيم الديمقراطية وادواتنا ، وهذا ما يدعوننا للفخر .
في ضفة النهر المقابلة لساحة التحرير وحيث مقرات الحكومة والدولة يعيش السياسيين وانظمتهم حالة من الارباك الواضحة من خلال خطاباتهم ومبادراتهم الغير واقعية والتي لا تنسجم مع الحدث واهميته ، فاما انهم يعيشون حالة هلامية لا واقعية غير مستدركه للواقع السياسي الجديد الذي فرض نفسه بالقوة ، او انها حالة من الاستغباء السياسي والمماطلة المقصودة والرهان على تقاعس المتظاهرين وانتهاء موجة التظاهر تدريجيا” .
الا ان احداث الناصرية الاخيرة واحداث النجف ، وظاهرة حرق مقرات الاحزاب والمسؤولين وحتى مراقد رجال الدين في النجف ومطاردة معميين في ازقة الحلة ( سواء كانت هذه الاحداث مدبرة او عفوية ) قد تترجم كرسالة من المتظاهرين الى رجال السلطة ورموزها ، ويمكن اعتبار ( السكوت الاجتماعي او الشعبي العام عن ممارسات المتظاهرين العنيفة الاخيرة ) هي نوع من انواع القبول والتأييد الاجتماعي ، ويعتبر رد واضح من المتظاهريين والمؤيديين لهم عن التسويف والمماطلة من قبل احزاب السلطة ورموزها .
فلا يمكن للمتظاهرين قبول حالات المماطلة واستمرار التحايل القانوني والشرعي من قبل رموز السلطة عبر تبني وكتابة مشروع قانون جديد او تدوير شخصية اخرى لرئاسة الوزراء .