لايخفى ان بروز ظاهرة داعش على الساحة السورية وتمددّه بهذه الطريقة السريعة افرز مفهوم جديد على الخارطة الإقليمية للشرق الأوسط ، من خلال تغيير خارطة انتشاره ، ليبدأ بالتمدد الى داخل الاراضي العراقية ، فبعد سقوط ثلث الاراضي السورية بيد داعش عمد الأخير الى توسيع دائرة نفوذه نحو المناطق السنية والمحاذية لسوريا (الموصل ، صلاح الدين ، الانبار) الامر الذي اصبح ظاهراً للعيان بدأ ملامح الدولة الداعشية المزعومة ، والتي تعود جذورها من الاْردن الى أفغانستان فالعراق وصولاً الى سوريا ، والتي تطورت من مجرد مجموعة ارهابية صغيرة الى تنظيم يمتلك القدرات المالية والعسكرية ، ويمتلك الشبكة العنكبوتية من الاتصالات وعبر الأقمار الاصطناعية ، والإعلام السريع والقوي ، والذي بات يسيطر على الألاف الاميال ويحاول ان يحكم الملايين من الناس .
التنظيم الذي تحول من مجرد مجموعة صغيرة وغير منظمة ذات طموحات كبيرة تمددت على مساحات إقليمية ودولية ، وذات طموحات بالحكم العابر للحدود القومية ، الامر الذي جعلها عنصر اضطراب في سوريا والعراق وبالتالي ولدّت فراغاً سياسياً واجتماعياً في تلك المناطق ، حيث تمكنت هذه المجاميع الإرهابية من النمو والازدهار معتمدة علو عمليات التهريب التي تقوم بها بعد سيطرتها على منابع النفط ومصافيه ، وعمليات الابتزاز والسرقات للبنوك والمصارف ، واموال المواطنين الذين يختلفون مع منهاجهم ومنهجهم .
الشي الخطير في خارطة توسع داعش ان الأخير قام بتنشيط مجموعات مسلحة في المناطق الامنة والغير خاضعة لسيطرته من اجل التوسع جغرافياً ، خصوصاً في مناطق حزام بغداد ، والذي شهد حركات ارهابية مشبوهة ، ومواجهات مع القوى الامنية مما يفسر نظرية ان التنظيم يسعى الى تمدد سلطته الى داخل المحافظة بغداد والمدن الاخرى جنوباً وهنا سوْال يتردد ما الذي حصل وماذا يريد تنظيم داعش ؟! وهل ستمدد أكثر من هذا ؟!
الكثير من التقارير الغربية والتي اشارت بصورة واضحة الى أن هناك توصيات محددة لقادة داعش عدم التمدد في داخل الاراضي العراقية ، والاكتفاء بما تم السيطرة عليه من المدن الثلاث ، وهذا ما يجعلنا نقف على الخارطة الفعلية للدواعش ابتداءً من الرقة شمالاً وانتهاءً بالرمادي جنوباً ، الامر الذي يتيح للقارى ملامح الخارطة الفعلية للدواعش في الشرق الاوسط ، والذي يبدو أن هناك مباركة امريكية لهذه الحارطة .
الامر الخطير ما يقال من وجود بيئة حاضنة للتنظيم الى درجة الحديث عن بعض افراد القوى الأمنية العراقية هم دواعش ملثمون في الليل ، والذي يعد أمراً ناتجاً عن حقيقة الضعف العسكري العراقي، وانتشار الفساد والمتامرين في داخل الموسسة العسكرية ، وهذا ما جعل الرمادي تسقط بسهولة بيد التنظيم الداعشي .
الأميركيين من جهتهم يسعون لتقسيم يمتد ما بين العراق وسوريا. دليلهم سماح الأميركيين للدواعش بالتقدم كيف للتنظيم الإرهابي القدرة على الوصول الى ما بعد الرمادي على مرأى طائرات التحالف؟! كيف يصل الأميركيون الى “ابو سياف” الداعشي في دير الزور السورية بعد رصد مكان تواجده السري، والعجز بالمقابل عن ضرب أرتال السيارات العسكرية وقوافل “داعش” التي تسير نهاراً على طرق صحراوية مكشوفة امام الطائرات الاميركية؟
الامر يعد مهمة معد لها بدقة وعناية لتفتيت الدول العربية ، وجعلها دويلات ، وتكون مقسمة متشرذمة ، غير قادرة على النهوض بنفسها ، وبالتالي تتأكد حاجتها للقوى الغربية دائماً لحمايته كما يحصل اليوم في دويلات الخليج ، لهذا فأن الولايات المتحدة الاميركية سوف لن تتدخل عسكريا على الارض لا في العراق ولا في سوريا لان تعلم أن ستكون غير قادرة على التعاطي على الوضع على الأرض هناك ،لهذا سوف تدخل المنطقة في عدة سيناريوهات أحدهما إذا نضجت نظرية التقسيم فأن الأميركيون سيبدأون بتنفيذه والقوة التي تنفذ على الأرض “داعش” مع مساحات جغرافية هائلة وملايين البشر ومنابع نفطية وثروات طبيعية واراضي زراعية وانهاركدجلة والفرات. واذا كانت الرغبة لضرب التنظيم فإن معارك الكر والفر مفتوحة لسنوات طويلة، فأينما وُجدت البيئة الحاضنة حلّ الدواعش .