18 ديسمبر، 2024 6:06 م

خارطة السيد الأديب والفهم الصحيح لمستقبل العراق

خارطة السيد الأديب والفهم الصحيح لمستقبل العراق

قرأت بعناية وتركيز مقالة السيد وزير التعليم العالي جيدا ورأيت إنها مقالة تستحق الاهتمام وبنفس الوقت تستحق الدراسة الشاملة من قبل الأخصائيين ومن مختلف الشهادات،فالتعليم الجيد لا بد أن يسير بخارطة يكون فيها تفضيل الأولويات واضح مع متابعة المعضلات المتوقعة والتي تظهر عند تنفيذ هذه الخارطة وبنفس الوقت إيجاد الحلول لهذه المعضلات حتى نرتقي للمستوى المطلوب،من يريد أن يقدم عملا لا بد أن يهتم بخطة العمل ويتابع بدقة تنفيذ هذه الخطة،ليس هناك عمل كبير كمثل عمل دولة أو وزارة مهمة لا تحتاج إلى خارطة طريق بل ربما تحتاج أكثر من خارطة وكل كذا عام تحتاج إلى خارطة جديدة تستثمر النجاح من الخارطة القديمة وتهتم بمعالجة المعضلات التي ظهرت وإيجاد أنجع الحلول لها، لم أجد في هذه المقال أي خطأ في الوصف أو تجاوز بحق العراق والعراقيين بل على العكس وجدت فيها المنطق الذي نتكلم به في جلساتنا وكيف نتجاوز الصراع النفسي الذي وقعنا فيه بين ثقافتين ، الأولى ثقافة الحزب الواحد وفلسفة الحزب في خلق نفسيات يجتر منها قوة بقاءه في الحكم،وبين ثقافة جديدة هي الديمقراطية والتي لا تفهم لغة الشمول والرأس الواحد والحزب الواحد،الجميل بالموضوع أن السيد الأديب وهو قيادي بارز في حزب الدعوة يعترف أن هناك أخطاء حدثت من خلال هذا التغيير الكبير والمفاجئ في كيفية التعامل مع وطن وأحزاب متعددة وليس حزب واحد يجبر الناس على القبول بأفكار الحزب وإلا مصيره في سجون كتبت عليها يافطات سجون الخونة ، أرى أن تكميم الأفواه سابقا كان السبب الأول لهذا التشتت في الأفكار ومن هذا التشتت رأينا كيف أن مفاهيم الناس تقفز بين مؤيد اليوم للعملية الديمقراطية وفي اليوم الثاني معارض للعملية ، ثم يشير السيد الأديب في مقالته على الإرهاصات التي لازمت العراق بعد عام 2003 من الاحتلال وإلى القتل على يد التنظيمات الإرهابية بكافة مسمياتها مع الإشارة إلى أن الخلاص من هذه الانتكاسات لا بد أن يبدأ بتغيير النفوس وهي الأهم أي تغيير البنية الشخصية للإنسان وقبوله بمب؈قبوله بمبدأ الشراكة حفاظا على الدماء التي يفترض أن لا تسيل لأسباب تافهة . بالتأكيد أن الانتقال من حالة إلى حالة لا بد أن ترافقها كثيرا من الخلل فالعراق انتقل من الدكتاتورية إلى الديمقراطية خلال أ�طية خلال أيام معدودة وهذا لا بد أن يكون له الأثر السلبي مهما كانت ثقافة المواطن العراقي وهذه من المسلمات التي لا تقبل الشك ، فالتغيير حتى على مستوى انتقال طالب الابتدائية من مدرسة إلى أخرى نراه يشعر في بداية الانتقال بنوع من الحرج بل ربما يصل إلى الكآبة لحين أن يتأقلم مع الحالة الجديدة ، فكيف بوطن فيه ملايين الناس وأجندات خارجية كلُ منها تحاول فرض سيطرتها وصراع قوي بين الماكينات الإعلامية لهذا البلد أو ذاك ، بالتأكيد ستكون هناك المزيد من الإرهاصات والمعضلات والمشاكل والمصائب ولكن لا بد أن يعود الإنسان إلى رشده بعد أن يضطر القبول بالحالة الجديدة الصحيحة عندما يقارن بين الماضي والحاضر.
يعتقد السيد الأديب أن أفضل حل هو انتشار الثقافة إذ يقول ” ولذلك نعتقد أن الأرضية الصالحة لنمو الديمقراطية ونجاحها هو انتشار الثقافة بين أوساط الأمة خصوصا الضعيفة منها، وبمقدار ما تنتشر الثقافة وتمحى الأمية الثقافية فضلا عن الأمية الأبجدية ” فعلا إنها الحل الأمثل لتقدم هذا البلد بالسرعة المرجوة فالثقافة هي احتواء إجباري لكافة التصرفات السلبية مهما كانت عظيمة .
أفضل ما وجدت في المقال هو رفض السيد الأديب لموضوع التصويت بناءا على رغبة رئيس الحزب أو رئيس العشيرة فهذا يعني وكأننا لم نفعل شيء ما بل إننا منقادون دون دراية ومعرفة والسبب حسب رأيي يستند إلى قلة الوعي الثقافي وانتشار الأمية بين اغلب العراقيين .
قسم السيد الأديب مراحل التغيير إلى ثلاث مراحل وهي مرحلة تخص الإنسان أي تغيير في عقل الإنسان ومرحلة ثانية وهي برأيي مرحلة اتخاذ الشعارات الواجب تنفيذها لتحقيق الغايات والمرحلة الأخيرة وهي مرحلة التطبيق الفعلي فالمراحل أعلاه هي مراحل متسلسلة يحتاجها الإنسان الراغب فعلا في التغيير فالتغير يبدأ من الإنسان والمواطن ليصبح صورة جمعية وهوية عامة وعقلية مشتركة تجمع بين ثناياها كل العراقيين ، أما المرحلة الثالثة فهي لا تنجح إلا بتجاوز المراحل التي سبقتها وحينها سنصل إلى الغاية المطلوبة .
لو فهم كل ساستنا هذه الخارطة وتم تنفيذها حرفيا فالعراق سوف يعيد عافيته خلال أعوام قليلة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة ، ولكن ضعف الهوية العراقية واضمحلال حب الوطن برأيي سيكون عائقا مهما في إهلاك هذه الخريطة ولكن بعقول المثقفين والمتعلمين والمفكرين سنتجاوز كل الصعاب ونصل لبر الأمان الذي ينشده أبن الجنوب وأبن الوسط والشمال وكلُ من يحمل الهوية الع؄ في خاتمة سطوري أن الثقافة والوعي المعرفي هي نبراسنا للخروج من هذه العتمة والله من وراء القصد .