تصنيف العالم الى ثلاث فئات العالم الاول والعالم الثاني والعالم الثالث ، والتصنيف تم وفق الاوضاع الاقتصادية والناحية الصناعية والعسكرية والسياسية والجهل وان اختلفت هذه المعايير في درجاتها لكنها واضحة بالعموم فالدول التي لا تمتلك صناعة ولا اقتصاد قوي وتستورد اغلب بضائعها الاساسية من الدول المتقدمة هي من العالم الثالث ، ولكن هنالك خصلة استجدت ضمن صفات العالم الثالث وللاسف سلبية وناسفة لخلق المجتمع وللمنظومة الثقافية هذه الخصلة هي الاعلام الذي تمكنت من خلاله الدول المتقدمة من نسف ثقة العالم الثالث بنفسه .
نعم الاعلام اليوم مهنة ولا يعتمد فقط على صياغة الخبر وسرعة نقل الخبر وصدق الخبر وتقنية الاجهزة الاعلامية بل اصبح الاعلام جزء من ادوات الاستخبارات العالمية التي سخرت واستخدمت كل ما له علاقة بالاعلام ، سواء الخبر او التقارير او الافلام او الرياضة، باختصار كل ما تبثه وسائل الاعلام اصبح بمتناول يد الاستخبارات التابعة لدول العالم الاول ومن خلالها تمكنوا من تحقيق اهدافهم .
الى شعوب العالم الثالث وخصوصا الاسلامية فهل الدين له علاقة بتصنيف مكانة هذه الدول ؟ من المؤكد كلا ولكن لماذا جميع الدول الاسلامية ضمن الثالث ؟ هذا اولا ولماذا المواطن الذي ينتمي لهذا العالم اي الثالث يجعل التقدم والحضارة هو المعيار لصدق ما تبثه وسائل اعلامهم ، لماذا الجميع يسلم بصدق اخبار الاعلام الامريكي او البريطاني او الفرنسي بل يتناقله الجميع باعتباره من المسلمات ولا يقبل الشك؟
هذا الاعتقاد الذي بسببه سلموا عقولهم وثقافتهم لسياسات دول العالم الاول والثاني ساعدقوى الاستكبار في التمادي باستغفالنا ونهب حقوقنا ، واطمئنوا كثيرا بان عقولنا لا تقبل الحقيقة الصادقة التي تنقلها وسائلنا الاعلامية ، نعم لا ننكر ان فيها الكاذبة ولكن المعيار للصدق والكذب اصبحت الكراهية والتقدم الحضاري فالحكومة او الجهة السياسية المكروهة لا يصدق أي خبر يصدر منها فقط لو اعترفت على نفسها بالخطا .
والعجيب ان الغرب عندما ينقل اخبار تدل على خباثته ومؤامراته يحاولون شعوب العالم الثالث تبرير هذه الاعمال فيمتدحونهم بحجة الحرية والديمقراطية واذا ذكرت هذه الجريمة التي اعترفوا بها يذكرون لك اخبار المديح الخاصة بهم والتطور والنظافة والمترو والطيران، وكأن جرائمهم امر عادي ومقبول بينما لو قامت بنفس الاعمال أية حكومة من العالم الثالث تتصاعد اصوات الاستنكارات والاستهزاء وحتى الشتائم .
مثال على ذلك امطار ادت الى غرق الشوارع في العراق مثلا فان الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تتناول هذا الحدث بتسقيط منقطع النظير حتى تتشبع العقول بعدم الثقة اطلاقا بالحكومة ، بينما يحدث الاسوء عند سقوط الامطار وحتى في ارقى بلدان العالم الاول بما فيهم امريكا فان عقول العالم الثالث لا تتناولها ولا تتهجم عليها هذه الازدواجية في الرؤية جعل العالم الثالث يمتاز باسوء اعلام واسرع عقل يصدق الغرب دون التحقق من مصدر الخبر .
وهنا المفارقة هو ربط التخلف بالدين من قبل اصحاب الدين مما اهدى لاعداء الاسلام من دول العالم الاول سيف على رقبانا او معول ليهدم اساسنا واسلامنا، نعم ساهم الاعلام الموجه للعالم الثالث في استهداف دينه من قبل العالم الاول في ترسيخ فكرة التخلف والجهل بالدين الاسلامي ولذا تراه يعادي ايران لانها قطعت شوطا كبيرا بالتقدم والثقافة .
نحن لا ننكر بوجود خلل او تقصير في اداء حكوماتنا ولكن اخلاقنا وثقافتنا وديننا وعقولنا في قراءة الاوضاع وما يوجه لنا لا علاقة له باي عالم له علاقة بوعينا والوعي لا يخضع للتاثير المادي ولكن للاسف الشديد استطاعت قوى الاستكبار ان تجعل التقدم هو دليل الصدق مهما كان والتخلف هو دليل الكذب .