يواجه العراق أشرس هجمة إرهابية في تاريخه؛ تكلفه آلاف الشهداء ومليارات الدولارات، وإنخفاض أسعار النفط ولد أزمة مالية كبيرة، ويعيش تفكك سياسي دأبت على إدامته قوى لا تريد نجاح العملية الديموقراطية، تناغمت مع من يُريد إسقاط حكومة العبادي، والمحافظة على منابع الفساد، التي تغلغلت في أهم مفاصل الدولة؟!
خزينة خاوية وشعب بين مقتول ومشرد وجائع، بعد أن سُلبت أمواله بصورة منظمة؛ ليدفع ضريبة تهور الساسة، ويقتل بهمجية المتصارعين؟!
جهدت الحكومة خلال فترتها الأولى، الى تلافي التعثرات الأمنية، والبحث عن عشرات المليارات، التي نهبها من لا يزالون يتحكمون بمفاصل مهمة، وسعت لفتح منافذ إقتصادية وسياسية وتطبيق برنامج حكومي، يعيد تقارب القوى السياسية وتوحيد صفها لمحاربة داعش، وإيجاد سبل بديلة سيما وأن نفط كركوك متوقف عن طريق الموصل، وتوقف أكبر مصفى أنتاجي بطاقة 300 ألف برميل يومياً.
ظاهرة ( الفضائيين) من أخطر ما يمس هيبة الدولة، توقف هذا الملف نتيجة إعتراضات من قوى متنفذة بالقرار؛ لسيطرها على مفاصل بالوكالة، ومن خلف جيش الفضائيين آلاف المنتفعين والساخطين على سحب البساط من تحت أقدامهم، الّذين لا ترضيهم حالة الوئام والتقارب، ورفد الأقتصاد العراقي بما يتيسر من منافذ نفطية، وتخطيط لإيجاد بدائل لا تمس المواطن مباشرة.
الإتفاق النفطي بين الأقليم والمركز أحد الحلول على المستوى السياسي والإقتصادي، بعد قرب فترة العام من توقف نفط كركوك المهدد بالضمور؛ في حال عدم الإستخراج والتصدير، وصعوبة نقل الشاحنات الحوضية بين المحافظات نتيجة المجريات الأمنية، وما حدث لم يكن حبر على ورق بعد تضمين الإتفاق في الموازنة الإتحادية لعام 2015م.
المفاوضات بين الأقليم والمركز سارية بإنسيابية عالية، وما حدث من أجتماع الأخير يدل على سعي الطرفين لإيجاد حلول جذرية، ومن ذكاء المتحاورين وحسن نواياهم، كان السيد حسين الشهرستاني( وزير النفط السابق، ومن أشد المعترضين على كردستان)، حاضراً بصفة شاهد على الإتفاق، ومن مشاهدة الصور التي نقلتها وسائل الإعلام، يبدو ان الشهرستاني كان مرتاحاً، ولم يصدر منه أيّ تعليق سلبي.
نفس الأصوات التي سببت الشقاق العراقي، ما تزال تنعق خارج سرب الوطنية، وتتهم الإتفاق بين القوى السياسية، ولم تعطي بدائل وحلول للصراعات؟!
حذار إيها الساسة من إلقاء النار بوجه العراقيين، فمن يتخذ من جريمة جنائية، سبب للإنقطاع عن العملية السياسية، وتصعيد بالمواقف وحشد للشارع لإشعاله، أو الوقوف ضد الإتفاقية النفطية، وحتى المطالبة من الموظفين بالتظاهر على زيادة للرواتب، كان من المفترض أن تمرر في موازنة العراق الإنفجارية، وما حدث في النهروان من تظاهرات على خدمات أهملت في السنوات السابقة، وتدخلت الأيادي الخبيثة لحرق المؤسسات الحكومية؛ بشكل غير حضاري، كل هذه الأفعال تُريد إسقاط العملية السياسية، وتفتح جبهات في محيط بغداد، وهي تنعق كالغربان السود، خارج سرب الوطنية.