{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إنشاء الله}
دمر نظام الطاغية المقبور صدام حسين، مئات القرى الكردية، شمالي العراق؛ مبيدا الآلاف من الأبرياء.. نساءً وأطفالا وشيوخا وشبابا ورجالا، ما زالت دماؤهم تستغيث حتى هذه اللحظة.
جنود مسعورون كالذئاب، أنياب لهفى لنهش أناس لا ذنب لهم سوى أنهم كرد، لكن هكذا هو الجندي العراقي، منذ 6 كانون الثاني 1921 ولحد الآن، عبارة عن فوهة رشاش مهووسة بالقتل، مصوبة الى صدور الشعب.. ليل نهار.. بأمر من طغاة السلطة، ومن دون أمر.. غالبا.
من بين ضحايا الابادة الجماعية للشعب الكردي، خاتون محسن جليل خليل.. تولد العام 1953، ذات سبعة وثلاثين ربيعا، عاشتها بشرف وإخلاص لعائلتها ومحيطها الإنساني، منسجمة مع الناس بإحترام متبادل.
قدمت آفة العسكر، العام 1990؛ ساحقة الجميع.. لا تفرق بين رجل وإمرأة.. صغيرا او كبيرا، تعيد شعبا إختار التحرر من قسوة صدام الفظيع، بالقوة القاهرة، حد الموت، لم يبقوا “نفاخ النار” في قرى أحرقوها.
أحبط جيش الديكتاتور إنتفاضة آذار، ولم يكتفِ بإرجاع الناس الى حظيرة الموت الصدامي.. اليومي، إنما نكل بالقومية الكردية.. منذ أسلافها الى مستقبل الزمان؛ بإقدامه الموتور على قتل كل حي تدب الروح فيه، معاندين حرمة الله في طينته، ناسين او متعمدين إغفال كونهم بشراً؛ لمجرد انهم كرد! وكأن من هو ليس عربيا.. مباح لإرواء شغف صدام بالدم.
دفنوا ابناء المنتفضين أحياءً، وقطعوا الاشجار وأماتوا دواب الأرض…
إعتقلت خاتون، ضمن مجاميع أبناء القرى الكردية، المنتشرة في رحاب خضرة السهول في ظل قممها المعانقة للغيم، وسيق الكل الى موت مطلق جب الحياة عن بريق الامل.
أخضعوا لإبادة جماعية، عمد اليها الجيش وقادته، في مبادرة تزيد من رضا الطاغية عنهم؛ لذا دفنت الشهيدة خاتون، حية، مع مجموعات كبيرة، من المعتقلين.. دفنوا أحياءً!
لم تنته القضية بدفن من وقع بأيدي جيش الطاغية المقبور، إنما واصل القتلة الحكوميين التربص بمن فلت ينغصون عيشه في سكون القرى الهاجعة تحت رحمة الله؛ إذ أنتفت إنتفاضة آذار، والبلد تشبع بالدم، كالاسفنجة، ولم تعد ثمة فرصة لمزيد من الذبح.. لكن لا بأس من تنغيص العيش؛ عقابا على كرديتهم الأصيلة.