18 ديسمبر، 2024 8:57 م

الإعلامِيَّةُ الأميركيَّة Arianna Huffington المولودَة في أثينا مُنتصف القَرن الماضي، تعلَّمَت في Girton College, Cambridge، تخصُّصّ اقتصاد، أسَّسَت في 10 أيار 2005م موقع الكتروني خبري باسمِها للمُداخلات اليساريَّة واللّيبراليَّة، اسمُه « HuffPost»، باللُّغات إنجليزيَّة، فرنسيَّة، إسبانيَّة، إيطاليَّة، يابانيَّة، ألمانيَّة، برتغاليَّة، كوريَّة، يونانيَّة، وعربيَّة، أوَّلُ موقع خبري حازَ في تُمُّوز2012م جائِزَة Pulitzer Prize، نشر اليوم 28 أيلول 2017م تقريراً بعُنوان «بيع الأحلام على مُواطني شَمالي العِراق وشِراء حتى البيض» مِن خارج الإقليم، وقد ذهَبت نشوَة سَكرَة استمناء استفتاء الإقليم وجاءت الفكرَة، اقتصاد حِصار غضَب الجُّوار.

إنَّ كُرد العِراق أمامهم خيارات ضئيلة في القدرة على الاستمرار، بعد أن ركزت العاصِمَة بغداد وجيرانها الآخرون الغاضبون على أضعف نقاطها، الاقتصاد. أعلنت بغداد إغلاق المجال الجَّوي للإقليم العِراقي، وإغلاق الحدود، وإيقاف صادرات النِّفط. رُغم عدم وجود منفذٍ بري لإقليم شَمالي العِراق، المَدين بـ17$ مليار دولار، ويعتمد على جوار خريف الغضب في تصدير ريع النِّفط الخام واستيراد الطَّعام، فإنَّ قادة حکومەتی هەرێمی/ حكومة الإقليم تحدوا التهديدات، وباعوا “الحُلم” بضرورة الانفصال السّياسي، بعد عقودٍ مِن القتل المُنظَّم والتفجيرات في ظِلِّ حكومة بغداد، فاستجاب ملايين الكُرد بالخروج مِن كُلِّ شِعابهِ لاستفتاء الانفصال. يذهب الكثير من المُحلِّلين إلى أنَّ تركيز الكُرد على الانفصال السّياسي قد يأتي على حساب استقلالهم الاقتصادي، وقد يكون الإقليم، الذي تضرَّر بشدَّة غُبّ انهيار سوق النِّفط الخام بعد أن كان يُطلَق عليه دُبي القادم، هو مَن سيدفع الثمن. وقال المُحلل بمركز واشنطن البحثي، بلال وهاب، لصحيفة Financial Times البريطانيَّة “إنَّ أخطر طريقة للإضرار بحكومة الإقليم العِراقي (حکومەتی هەرێمی) هي الاقتصاد. هل يمكن لحكومة الإقليم العِراقي أن تكون قابلة للاستمرار اقتصاديَّاً؟ خيرُ جواب لدينا الآن أنَّنا لا نعلَم”. وقال المسؤولون في حكومة إقليم العِراق، إنَّهم مُستعدون لحدوث بعض التداعيات الاقتصاديَّة، بعد أن تأكد التصويت بنعم في الاستفتاء في وقتٍ متأخر مِن يوم الأربعاء، 27 أيلول الجّاري. لكنَّ أُولئك المسؤولين يقولون إنَّ المنافع المُتبادَلة مِن طرقهم التجارية مع أنقرة وطهران، وخط أنابيب النِّفط الخام إلى تركيا، كُلّ ذلك سيثبط إمكانية وجود حملة طويلة المدى للإضرار بالاقتصاد. على سبيل المِثال، يقول أراس خوشنو، أحد المُستشارين الاقتصاديين لدى حكومة الإقليم/ حکومەتی هەرێمی، للصَّحيفة إنَّ شَمالي العِراق مثابة دخول صفقات تجارية مع العِراق تصل قيمتها بين 8- 10$ مليار دولار. ومنذ أن غرقت سوريا في الحرب، أضحت المِنطقة بوّابة دخول شاحنات البضائع إلى الخليج. بيدَ أنَّ بعض المسؤولين يشعرون سِرَّاً بالقلق مِن احتمال أن تقوم تركيا بتغيير طريق الشّحنات عبر إيران، لمُعاقبة حكومة الإقليم/ حکومەتی هەرێمی. إذ تعهّد الرَّئيس التركي رجب طيب إردوغان بأنَّ الكُرد “لن يكون بإمكانهم إيجاد الطَّعام” لو أغلق عليهم الحدود. ويقدر المسؤولون أنَّ حكومة الإقليم/ حکومەتی هەرێمی تستورد بين 80- 90% مِن البضائع والخدمات مِن الخارج. حتى البيض والحليب على أرفف محالّ البقالة تأتي مِن دُوَل الجُّوار. وقال عادل يحيى صالح، المُحاسب في سوق علوة المُزدَهِرة: “نحن قلقون، كيف لنا ألّا نقلق؟”. وكان الفلّاحون وسائقو الشّاحنات والعُمّال يفرغون صناديق البَصَل والبَطاطة والطَّماطة والفواكه المُتنوعة، وقد وَصَلَ جُلّ هذه البضائع عبر تركيا وإيران. وإنَّ أسعار البَطاطة التي يبيعها زاد ثمنها إلى أكثر مِن الضّعف، حينَ اُغلِقَ أحد المعابر الإيرانيَّة بشكلٍ عابر يوم الثلاثاء و”إنَّنا لم نعد ننتج أيّ شيءٍ تقريباً. مَن ذا سيُعاني؟ لن يُعاني التجار الكبار إذ الذين سيرفعون أسعارهم، أو السّاسَة، إنَّما سيُعاني مَن هم مِثلي. اُولئك الذي يعيشون على رواتب ضئيلة”. كان شَمالي العِراق الجَّبليّ المُعشوشِب في الماضي سَلَّة غذاء العِراق، لكنَّه تخلّى عن ذلك باكتشاف النِّفط، فأصبح يُصدِّر الآن نحو 550 ألف برميل يوميَّاً. ويقول المُنتقدون إنَّ الحكومة الآن أكثر اهتماماً بتحسين صفقات النِّفط والغاز من اهتمامها بالاستثمار في الزّراعة أو تنويع القطاع الخاص، المُعتمد بشَكلٍ شِبه كامِل على العَمَل مُباشرةً في النِّفط، أو العقود الحكومية المُمَوَّلة مِن ريع هذا النِّفط. ويقول أُولئك المُنتقدون، إنَّ التركيز على الانفصال عن بغداد يتجاهل تكبيل أنقرة للإقليم، وليس خط أنابيب النِّفط الخام إلّا واحداً مِن علامات هذا التكبيل. ويقول مؤيدو الاستفتاء إنَّ تركيا لا يمكنها إغلاق خطّ الأنابيب لوقتٍ طويل لأنَّها، أيضاً، تتربَّح مِن تحويلات مبيعات النِّفط. وأكبر مُنتجي النِّفط في حكومة الإقليم شِركة Genel، المُسَجَّلَة في لندن وثيقة الصِّلَة بتركيا. ويشير أُولئك المُؤيدون أيضاً إلى الصَّفقات الأخيرة لحكومة الإقليم بملياري دولار مع شِركة Rosneft، التي تربطها علاقاتٌ بالرَّئيس الرُّوسي بوتين، وإلى اعتماد تركيا على الغاز الرُّوسي بصفتها أسباباً ضافية تجعل تركيا تُحافِظ على بقاء خطّ الأنابيب. لكنَّ إغلاق الخطّ 20 يوماً، في شباط 2016م، الذي تقول أنقرة توقف بسبب تفجيراتٍ نفَّذها حزب العُمّال الكُردي، يُعَدُّ سابقةً مقلقة، وفق أحد المسؤولين الكُرد. وقال ذلك المسؤول لصحيفة Financial Times: “خسرنا نصف مليار دولار. وبالنسبة للقرار السّياسي، ستضحي تركيا اقتصاديَّاً. وبالنسبة لنا، لو أغلقوا خطّ الأنابيب 10 أيّام تكون تلك مُقامَرَة كبيرة لنا، وأعتقد إنَّ بإمكانهم إغلاق الخطّ لشَهر”. أصبحت حكومة الإقليم مُثقلةً بالدّيون مُنذ عام 2014م، لتُكافِح لدفع رواتب القطاع العام المُتضخم لديها. فالحكومة الآن مدينة بـ8$ مليار دولار مِن الرَّواتب المُتأخرة، حسب خوشنو، مَدينة بنحو 5$ مليار دولار لشِركات النِّفط، وقد دفعت حكومة الإقليم لبعض هذه الشِّركات عبر قروضٍ مَصرفيَّة. ويقول دبلوماسيون وساسَة، إنَّ ما يخشونه ليس أنَّ حكومة الإقليم سيتضوَّر جوعاً، إنما الضُّغوط الاقتصاديَّة تؤدي إلى تفكك الإجماع السّياسي وسَكرَة الإنفصال. ولهذا الاحتمال صدىً قاتِم في مِنطقةٍ تقاتل فيها الحزبان الرَّئيسان في حرب أهليَّةٍ مِن العقد الأخير للقَرن الماضي، مُرَشَّحَة أيضاً لتظاهرات احتجاج. وختم وَهَب مُداخلَته بقوله إنَّ كُرد العِراق اليوم اختلفوا تمامَاً للغاية. و”كانت الحال مُتعلِّقة بالعيش تحت حكم حكومة الإقليم/ حکومەتی هەرێمی، وتحمُّل الجُّوع المُتواصِل أو التطهير العِرقي”. أمّا هذا الجّيل فقد عاش بآمالٍ ليست مُقتصرة على البقاء، إنَّما مُرتبطة بالمُستقبل. لا أظُن أنَّ بإمكانك تسويق الجُّوع لهذا الجّيل!”.
http://www.iraaqi.com/news.php?id=19358&news=7#.Wc1HzbpuI5s