حِين هطل الغيْث. . . أَينَعت الزُّهور

حِين هطل الغيْث. . . أَينَعت الزُّهور

بعدٌ سنواتٍ منْ الانتظارِ والصبر، والبراءةُ والمثابرة، وفي تخصصٍ أكاديميٍ مشترك، شاءتْ الأقدارُ أنْ يجتمعَ الأسمرانِ، تحتَ سقفٍ واحد، سقفٌ كتبهُ اللهُ لمنْ سعى إليهِ بقلبٍ نقيٍ ونيةِ صافية، تحملَ في طياتها معنى الأسرةِ الكريمةِ والحياةِ المباركةِ. تحققَ الحلمُ الذي طالما راودَ قلبيهما. التقيا أخيرا، تحتَ ظلِ الوعد، وتوجَ الحبُ بخطوبةٍ تنبضُ بالأملِ والفرح، لمْ تكنْ الرحلةُ سهلة، فقدَ مرا بتقلباتِ الزمن، واختبارَ المسافات، وصمتَ الأيام، لكنَ الحبَ كانَ أقوى منْ كلِ شيء.
لقد اختلطتْ دموعُ الفرحِ في لحظةِ الخطوبة، بابتساماتِ الانتصار، وكأنَ العالمَ كلهُ يباركُ هذا اللقاءِ المنتظر. كانتْ نظراتهما كافيةً لترويَ حكايةَ عمرْ منْ الاشتياقِ والحنين. خفقتْ القلوبُ حولهما بسعادةٍ صادقة، والزغاريدُ علتْ كأنها تعلنُ بدايةَ فصلٍ جديدٍ منْ الحكاية. خاتمٌ في اليد، لكنهُ يحملُ كلُ ما لمْ يقال، وكلَ ما صممَ لهُ هذا العهدِ الجميل. تواعدا أنْ يكونَ القادمُ أجمل، وأنْ يبنيا- سويا- حياةٌ تليقُ بذلكَ الحبِ العميق. الآن، لمْ يعودا حبيبينِ فقط، بلْ شريكينِ في الحلم، وخطيبينِ في دربٍ واحدٍ نحوَ الأبد.
تلاقينا بعد طولِ الجفا والغيابْ فعادَ الوردُ يضحكُ في رياضِ العُمرِ
تساقطَ الشوقُ غيثًا فوقَ أعينِنا فأينعَ الحُبُّ زهرًا بعدَ طولِ صبرِ
ستمضي الأيامُ بسرعةِ البرق، وهما ينسجانِ تفاصيلُ حياتهما بروحِ المشاركةِ والمودة. فتتعاظمَ المحبةُ كلما واجها تحديا، فيكونُ الصبرُ جسرَ عبورهما نحوَ الأمان ، ويكبرَ الطموحُ بينَ قلبينِ جمعتهما النيةُ الطيبة. ومعَ كلِ لحظة، يتجددَ الحمدُ للهِ الذي جمعَ الأرواحَ على ميثاقِ المحبةِ والسكينة. كالمطرِ الذي يهطلُ على الأشجارِ فيحييها، اخضرتْ الأرضُ بمشاعرِ اللقاء، وتزينتْ الأرجاءُ بوجودِ الشيبة الطيبةِ الذي باركتْ هذهِ اللحظةِ المباركة. تعالتْ الزغاريدُ منْ كلٍ صوب، وتلاقتْ القلوبُ في صالةٍ واحدة، على عهدِ منْ الوفاءِ والصدق. ارتديا ثوبينِ يتكاملانِ فيهما، كأنهما خلقا ليكونا معا، اشتعلتْ الشموع، وعمتْ الفرحة، وتهادتْ التبريكات، وارتفعتْ الأصواتُ بالصلاةِ على محمدْ وآلَ محمد، إيذانا ببدايةِ حياةٍ جديدةٍ . بدأتْ صفحةً جديدة، تغيرتْ فيها الأحاديثُ منْ أحلامٍ عاطفيةٍ إلى خطى عملية، ليشقا طريقهما بثباتٍ وإخلاص، بعيدا عنْ التسويفِ والمماطلة. ليبنيا بيتا صغيرا ، لكنهُ عظيمٌ بالحبِ والاحترام، يتسعَ عاما بعدَ عامٍ بهمةِ الطيبينَ وجهودِ الخيرين، بالصبرِ والتحملِ وتجاوزِ صغائرِ الأمور، وتركها للزمنِ ليفصلَ فيها. هنيئا لمنْ جمعهما اللهُ بعدَ طولِ صبر، فتمسكا بالأمل، وسارا بنورِ الحبِ والإيمان،- والحمدُ لله- على كلِ شيء.- والحمدُ لله- الذي جعلَ للحبِ موعدا لا يخلف، وللقلبِ مأوى أخيرا يستقرُ فيه.
قالَ اللهُ سبحانهُ وتعالى: ( ومنْ آياتهِ أنَ خلقَ لكمْ منْ أنفسكمْ أزواجا لتسكنوا إليها وجعلِ بينكمْ مودةُ ورحمةُ إنَ في ذلكَ لآياتٍ لقومٍ يتفكرون) صدقَ اللهُ العظيم.
اللهمَ اجعلْ بينهمْ مودةٌ ورحمةٌ وبركة، واصرفْ عنهمْ كلُ عينٍ حاسدةٍ ونفسٍ حاقدة، واحفظهمْ بحفظكَ الجميلِ الذي لا يرام.

أحدث المقالات

أحدث المقالات