23 ديسمبر، 2024 5:03 ص

حِلمُ الاِنفصال , وهماً برزانياً

حِلمُ الاِنفصال , وهماً برزانياً

من يعتقد أن بأمكانه الانتصار , سينتصر , مقولة لطالما راودت اذهاننا كثيراً, وأعتلت مسامعنا أكثر فأكثر, ولكن المثير للجدل في تلك المقولة, في أمكانية تحقيق ذلك الانتصار, فهل الانتصار يحتاج أعتقاداً فقط؟ ربما لو كانت أحلاماً, لصح الأمر أكثر بقليل, كتلك الاحلام التي يتفنن بها من لا يجد مساحة لطموحاته, قيبقى عالقاً في شبكة تلك الاحلام, متناسياً أو متلافياً تلك الامكانيات التي من شأنها اتاحة الفرصة لاطلاق سراح تلك الاحلام, والتخلص من ذلك التقيد المحيط به, فالانفصال , كان وما زال طيفاً يلاوح في سماء كل من لا يمتلك أمكانيات لتحقيقه, فلا بأس من أن يصطدم بذلك الواقع المخالف له, كونه لا يفقه لغة صنع الامكانيات لذلك الانفصال, فمجرد التصريح له, أو الاستفتاء فيه, أو حتى رفع علم دون أخر, لا يفسر اطلاقاً أنك قادراً على تحويل ذلك الحلم لهدف يسهل تحقيقه, فالرسم على المياه, لا يمكنه الثبات بلغة البحار والمحيطات.
على الصعيد الاقليمي, تبقى حناجر التصعيد متباينة في مواقفها, فهناك من يؤيد, وهناك من يعارض, ولكن تبقى اللغة السائدة غير معلومة وبعيدة عن الواقع كثيراً, فمساعي الانفصال لم تكن وليدة اليوم, وأنما هي غايات ومطامع منذ العهد السابق, ولطالما كان هناك فيصلاً يتحكم بالامور, فكلما مرت السنوات, زادت نسبة الغايات معها, وفي كل مطالبة وأجتهاد شخصي, تٌدهش أبصارنا بخارطة جديدة, حتى بدأت تلك الخارطة تخرج عن المعقول كثيراً, ففي الامس أبتدأ الامر بمحافظة واثنين وأنتهى بأقليم, ولكن مساعي اليوم اختلفت, فأسرائيل لعبت دور اللاعب الاساسي, فأزخرت طاولة المغريات بما يكفي للمطالبة بدولة كردية, تبدأ برفع علماً, وتنتهي بأنفصال كامل, وحسب الامتداد المرغوب به, ولكن الاندفاع الاسرائيلي لا يمكن أن يكون الا استغلالاً لمرحلة ما بعد داعش, فلماذا الوقت الحالي؟ لانه الوقت الانسب للأستثمار, وأن صح التعبير للأستغلال وزرع بذرة الخبث في تلك الارض, ولكنهم لا يعلمون, أن تلك البذرة التي ستُزرع بعلم اسرائيلي في ارض الاقليم, ستنتج محصولاً مدمراً في يوما ما, فيصبح الاقليم, فلسطين الثانية.
على الصعيد المركزي, ردود ألافعال لم تكن متوقعة نوعاً ما من أصحاب الغايات, فسرعة أتخاذ القرارات الدستورية, لايقاف مهزلة الاستفتاء, أخذت ما أخذت من ذلك الاندفاع المسبوق لها, وكانت رسالة وطنية واضحة, فلا تفريط بأي جزءً من هذا الوطن, بأستفتاء أو بغيره, وسيبقى الانفصال وهماً لبرزاني, يلوح في أفق بعيداً جداً عن متناول يداه, فحنكة وخبرة الكبار, لا يقف أمامها ذلك الذي لا يقفه سوى التصعيد الاعلامي, فهذه الاوهام كان ولا بد من انهائها اليوم أو غداً, فلا شيء قادر على تهديد تلك الوحدة التي جاءت بدماء وتضحيات, ولتكن رسالة صريحة تعتلي مسامع بارزاني, ففي الامس كان حفظ دماء الكرد بفتوة, فلا تجعل هلاكهم بتصريحاً أو بأستفتاء, وأن كنت لا تدرك ذلك, فلك كل العذر في هذا الامر, لان السياسة للبالغين فكراً فقط, وتلك المدرسة تخضع لشروط عديدة, ولا شك أنك لا تملك شيئاً منها, وأن كنت تسري وراء الطُعم, فلا تنسى المصيدة …