حُلْم الزَّهْراء اَلمُؤجل

حُلْم الزَّهْراء اَلمُؤجل

ذهبتْ الآنسةُ زهراءْ في صباحِ مبكرٍ إلى عملها الجديدمرتديةً أبهى ما في خزانتها الذي تعاقدتْ عليهِ معَ إحدى الشركات قبلَ بضعةِ أشهر، حيثُ ، حددَ لها اليوم تاريخاً لمباشرتها في العملِ. وصلتْ فرحةً إلى مقرِ عملها الجديد. استقبلتْ بأحسنَ استقبالاً منْ موظفاتِ العملِ القديمات، ومديرها المباشرُ الجديد، حيثُ شرحَ لها موجزا عنْ عملها الجيد، معَ بعضِ التوصياتِ المهمةِ في الوظيفة، لكونها أولَ مرةٍ تعملُ بعد إنهاءِ دراستها. فوجئتْ بوجودِ إحدى زميلاتها في الدراسة في نفس قاعة العمل، فطارتْ فرحا، وأمضتْ معها ساعاتٍ في الحديث، توزعَ الابتساماتِ يميناويسارا، منْ شدةِ سعادتها ليومها الأولِ في العملِ الوظيفي.

     أخذتها زميلتها في جولةٍ بأروقةِ الشركة، منْ كافتيريا الشايِ، إلى حديقةِ المؤسسة، ثمَ الأقسامِ الأخرى، بينما كانتْ المكالماتُ الهاتفيةُ، تنهالُ عليها بينَ الحينِ والآخرِ منْ والديها وإخوتها، وصديقاتها، مهنئينَ لها، بهذا الحدثِ الجديدِ في حياتها، ألا وهوَ التعيينُ الذي جاء بعد ثمرةَ تعبٍ وجهد ودراسةٍ ، استمرتْ أكثرَ منْ عشرينَ عاما.

  وفجأةِ انقلبتْ الأمورُ عنْ بكرةِ أبيها، أوْ (عاليها على واطيها) في المثلِ الشعبي، أوْ( يا فرحةٌ لمْ تدم). . . جاءَ المديرُ المرحبُ بها في الصباح، في منتصف الظهيرة،  وبلغةٍ دبلوماسيةٍ هادئةٍ وخجولة، يخفي خلفها مزيجُ منْ الحرجِ والحزن، وبلباقتهِ المعروفة، خوفاً على أحاسيسها، لببلغها بالقرارِ الجديدِ للشركةِ ” نشكرُ لكَ حضورك، وسنتصلُ بكَ الأسبوعُ القادم، وقد فسرته في مخيلتها: ( لمْ نعدْ بحاجةٍ إليك ).

  تحولتْ ابتسامتها الصباحيةُ إلى دموعٍ ظهرية، وأحمرُ وجهها ، خجلاً وألما، فقبلَ دقائقَ فقط، كانتْ تتلقى التهنئاتُ منْ أهلها، وتعيشَ فرحةُ البدايةِ الجديدة، (الفرحةُ مش صيعاها) مثلُما يقالُ من إخواننا المصريين، فإذا بها تفاجأَ ، بقرار الاستغناءِ عنها في أولِ سويعات عمل لها، أيُ يومٍ كئيبٍ تواجهُ الزهراءْ الجميلةَ في بداية حياتها الوظيفية، أيُّ عينِ حسدٍ ،التي اعترضت طريقها في صباحها الأول نحو عملها الجديد.

    عادتْ الزهراء الجميلة، مكسورة الخاطر الى بيت ذويها، مثقلةً بالهموم، وبالدموعً المخفية، لترتميَ في أحضانِ والدتها، وتبكي بحرقة، بينما والدتها تواسيهاوتشاركها في البكاء ، وتتلو عليها بعض آياتُ الصبرِ منْ القرآنِ الكريم، وتذكرها بقولهِ تعالى: (واصبروا إنَ اللهَ معَ الصابرين)، أما أخوها الصغير، فحاولَ التخفيفُ منْ حزنها، فاقتربَ منها، فغنى لها كلماتٌ منْ قصيدةٍ لنزارْ قباني التي غناها العندليبُ الراحلُ عبدُ الحليمْ حافظ: ” يا ولدي لا ترجع. . فإني مكسورٌ مكسورٌ “. عندها ابتسمتْ قليلاً على صوته، وفرحتالعائلةُ بأجمعها، على إبتسامتها الحزينة، ثم،غفتْ في نومٍ عميق. . وانطفأَ حلمُ الزهراء. لتتذكر، قولهِ سبحانهُ وتعالى: (وعسى أنْ تكرهوا شيئا وهوَ خيرٌ لكم) .