23 ديسمبر، 2024 3:55 م

حييتهن بعيدهن من بيضهن وسودهن

حييتهن بعيدهن من بيضهن وسودهن

في خطاب لجمال عبد اناصر عام 1960 ركز فيه على حرية المرأة، وخيارها في حريتها امام الحجاب اورد حكاية عن اجتماع له مع مرشد الاخوان المسلمين آنذاك، حيث طلب جمال من مرشد الاخوان ان يصبح الجميع كتلة واحدة ولاداعي للتفرقة، لانها لاتصب في مصلحة الوطن، فرد المرشد ان لديهم طلبات، ان تحققت سيسيرون في ركب الثورة، واصغى عبد الناصر، فكان اول مطلب للمرشد ان يسن عبد الناصر قانونا يمنع السفور، ويفرض الحجاب فرضا ( الطرحه)، فحاول عبد الناصر ان يشرح للمرشد ان الامر صعب، وانه لايستطيع العودة الى الخلف الى زمن احد الملوك الذي منع المرأة من الخروج من دارها نهارا، واباح لها الخروج بالليل، فتبجح المرشد بحجج شتى، فقال عبد الناصر: انا اعرف ان لك بنتا في كلية الطب، وهي غير محجبة (متلبسشي طرحه)، فيا استاذ ان كنت لاتستطيع ان تفرض الحجاب على ابنتك، وانت مرشد ديني، كيف تطلب مني ان افرض الحجاب على عشرة ملايين امرأة، فصمت المرشد وترك الاجتماع لانه افحم امام حجة الرئيس الدامغة، والتعليق على هذا واضح والحجة الدامغة ستكون كالآتي للذين كتبوا قانون الاحوال الشخصية الجعفري، من منكم يرضى ان يزوج ابنته ذات التسع سنوات، او من منكم يرضى ان يتزوج زوج ابنته عليها اربع نساء بدون اي سبب، او تقصير، واعتقد ان هذا يكفي لافحام القانون ورده على من انشأه ووضع فقراته.
العالم المتحضر يسير نحو رفعة المرأة واستردادها عرشها وعصرها الذهبي، ونحن بين الطوائف لاشغل لنا سوى المرأة، احدهم يجعلها تجاهد جهاد النكاح، والآخر لايرضى ان تخرج من بيت زوجها الا بأذن، والثالث يسمع لها باخراج عينيها فقط من خلف ثياب سود تحط من شأنها وتجعلها شيئا منكرا، وربما تصادر انسانيتها، حائرون بها يتزوجون عليها، ويرجمونها، ويجعلونها ملكا لليمين ويبيعون ويشترون بها في اسواق النخاسين، يشعلون الحروب باسم الدين لتدفع الثمن المرأة سبية، مهانة ومغتصبة، من يريد منهم ان يذل احدا ما يعتدي على نسائه، وانا اعتقد او اقطع جازما ان الاسلاميين يمتلكون عقدة ما امام المرأة، ربما تكون عقدة العنة، او ربما عقد من نوع طفولة او مراهقة مكبوتة، لان الذي يحترم مشاعره ونفسه لايستطيع ان يجور على شريك مشاعره وفراشه وقلبه بهذا الشكل، جميع الاديان تناولت المرأة بهذا التعسف والجبروت، احرقوهن ورجموهن، وجعلوهن محضيات في الكنيسة والمعابد ، وباعوهن في المساجد، لم ينصف المرأة سوى الشعراء، اذ انهم اضافوا اليها نعوتا جميلة ووضعوا لها اكاليل من غار في عيدها حيث يقول الجواهري الكبير:
حييتهن بعيدهن من بيضهن وسودهن….. ووددت عمري لو يضاغ قلائدا لعقودهن
ليبقى الشاعر دائما يرفع راية الحرية المدوفة بمشاعر الحب السليم، الحب غير المرضي الذي يعاني منه المتدينون، فمن غير المعقول ان تنصب جميع اراء الدين وتشريعاته على هذه المخلوقة الجميلة، الحجاب والنشوز والطلاق والزواج والامومة والنفقة والرضاعة والخدمة ،هذا ان حظيت بفرصة وتزوجت، اما ان بقيت فقد تنتظر مصيرا اعمى، وان تطلقت فتلك كارثة الكوارث، والادهى ان تحررت، فستكون كيت وكيت وتصطدم بمئة عقبة وعقبة، ارفعوا الحيف عن النصف الآخر للمجتمع وابحثوا عن قانون يحقق لها انسانيتها ودورها الكبير في صناعة الانسان السوي، صناعة مجتمع خال من الامراض والتعسف، تحية للمرأة الكبيرة في عيدها في الثامن من آذار، تحية كبيرة بحجم روحها الكبيرة، ونتمنى ان لانحرم عطرها الرائع وصوتها العذب وجمالها الذي يخلب الالباب وانسانيتها التي تمثلت بكونها اما لنا واختا لنا وحبيبة رائعة نستمد منها القوة والجمال.