للشاعر جابر محمد جابر ..
ابتدء من الاهداء الشخصي من خلال دعوته ان ادخل في دوائره المربعة حيث سأجد ظلا لي فيها .. وهي الثقة اننا سنبهر في عالمه الذي صور لنا دوائر من الحس الشجي والذي لا مناص للخروج منه الا من خلال الوصول لمفاتيح ابوابه..
جابر محمد جابر يرانا جميعا في قصائده من خلال معرفته بواقع الامكنة والشخوص التي تتناسب عكسيا وطرديا حسب الظروف المحيطة فيها ..
وهكذا يصور لنا محنة الوطن الارض والانسان بلسان شخصية عبدالله بن حازم حين يقول:
ذات يوم رفعت قدمي
وجدته يحدق بي
من أنفي ..
حد البحر ..
الذي اقف تحته ..
هي قسوة الأمرالواقع المفروضة من خلال لعبة حروب المصالح التي لايجنى من ورائها الا الدم والدمار والهجرة والشرود والعاهات ..
وبشكل ساخر يسجل استغرابه ويمكن القبول انه خرج من اتون محرقة نهايتها الموت المحقق بعاهة واحدة
انه لمر محزن
ان اخرج ..
من كل هذه الحروب المريرة
التي تملأ وسادتي
بعاهة واحدة …!!!
وما يميز نصوص هذه المجموعة هو استخدامه مفردة المكان الذي يتميز بقدسية اللحظة والدهر والمساحة والاداة
ولعل .. كراسي مقهى (دعير)
والنهر .. حين ..كان يدخن آخر خسائره ..
والمقهى الشعبي في حي السيدة زينب في الشام .. دلائل حتمية وقع مقام قدسية مكان اللحظة فهو يعبر عن ذلك:
في الربع الاخير من موتي
كنت اجلس
في مقهى شعبي
في حي السيدة زينب
وكنت احدق
بربيع عمري ..
وهو يهرب من بين يدي
حاولت..
ان اغدو خلفه
سبقني ..
تركته..
انه وقع المكان حين يمر بذاكرة انفعالية مع ذروة الحدث .. وهذه مدينة بابييلا في ريف دمشق تشهد حدث تخيله ..
من نافذة شقتي في (بابييلا)
شاهدت القمر
يسير على الارض
بقدمين حافيتين ..
هكذا يصور لنا لحظة مشاهدة القمر في هذه المدينة ..التي اعرفها انا جسدا..مساحة هائلة من هدوء ليس مفتعل ..
وللبحر قصته الأخرى للشاعر حين يصور هيبة المكان ..
سرت..
رفقة البحر ..
متنقلا ..
الكثير من علامات الاستفهام ..
من يحظى برفقة البحر هذا الكائن الجغرافي العظيم بما يحمله من خوف ورعب وحتى الهدوء .. هي رفقة ليست عادية تصل للقدسية ..
ونرى له عتب شفاف مع مدينة احبها واحبته .. هي العمارة مدينة الحلم الريفي الطيب في جنوب العراق التي حملته طفولته وشبابه .. ويبدو عتب متبادل ..
العمارة ..
هي نفسها التي اوصدت بيديها
شباك الحنين ..
وضعتني عند بابها
دون ان تلتفت قط ..
الى حقائبي
هكذا سار بنا شاعرنا متنقلا بين جادات وازقة ومدن حملته وحملتنا .. في احسن الظروف وفي ابشعها ..
هي دوائر قد لاتجد لها مخرجا دون ان نؤمن ان هناك ضوء في اي ثقب من اعمدة مربعات جابر محمد جابر .