يقال في الأمثال الرومانية :لا تسأل الطغاة لماذا طغوا .. بل اسأل العبيد لماذا ركعوا ..
كنا نسمع سابقاً بطولات القائد الضرورة ، وكيف كان يحكم ، ومن هذه البطولات عندما يدخل إلى سجن أبي غريب كل أسبوع ويسمونه بـ”تبيض السجون ” ، وهو إعدام بعض السجناء السياسيين ، وعندما يقوم بالإعدام ، ومرة يكون بيده ، ومرة يكون على يد جلاوزته ، وفي كل أسبوع يقوم بسفرة ليغير مزاجه ، ويعود إلى سطوته في حكم العراق .
كان الحكم مزاجياً ، فلا قواعد ، ولا دستور ، ولا قانون يحكم ، سوى قانون الطاغية ، فكان ممكن أن المحكوم بالإعدام أن يتم العفو عنه ، وكان من الممكن الإنسان البسيط أن يكون خلف القضبان ، أو في سراديب الشعبة الخامسة أو الأمن العام ، فكانت هذه السنين والأيام السوداء ، والتي كنا نسميها ” أيام الموت ” لأننا لا نعرف ماذا يخبأ لنا الليل .
وجاءت أيام الحياة ، ورفع شعار الحرية ، وانطلقت الحياة لتغرد للعراق ، وتقول لشعبه “انطلقوا من سجنكم لتعيشوا ما بقي من عمركم” ، ولكن كانت المفاجأة بعد ثمان سنين من حكم المزاج وموائد الطعام ، وسهرات الليل ، وجلسات مراهقي السياسة الذين حكموا العراق بأهوائهم وأمزجتهم دون الوقوف ومراعاة مصالحه وشؤونه ، بل لم يكن في مفكراتهم اليومية أي مفردة لخدمة هذا الشعب والذي جعلهم ملوماً عليه ، يحكمون بلا حكم ولا قانون ولا دستور يذكر .
قرارات ارتجالية ، وصراخات عالية لا نفهم منها شيء ، خروج إعلامي متشنج ، صدامات مع الجميع ، مرة إرهابي ومرة بريء ، والشعب العراقي لايفهم ماذا يدور ، وان فهم ؟! فانه يفهم أن المالكي يحارب السنة في الانبار والخارجين عن القانون في الجنوب ، ويتصادم مع الأكراد لانهم سراق ، أذن نحن معه ضد هولاء ؟!
دعوات عشاء تصالحية ، وبعد أي خلاف يعود الاختلاف ليصحو الجميع على أزمة جديد ، وصراع جديد ، وتراجع جديد عن قرارات بشكل مفاجئ وطارئ ، وما العفو الذي صدر عن المتهم ” علي حاتم السليمان ” والتراجع عن قرار دخول الفلوجة ، وإرجاع كافة البعثيين من الخارج ، وغيرهم من رجال الماكينة الأمنية ، لهو دليل على الأهواء والأمزجة في حكم بلد هدته ماكينة البعث ، وأكمل ما تبقى الإرهاب الأسود ، والذي يقتلنا يومياً ، بأيدي الفاسدين وأصحاب الأجندات الخارجية ، والذين هم بالتأكيد أكثر قذارة من الإرهاب .
هذه القرارات الارتجالية لايمكن لها أن تبنى سلطة وحكم ، ولايمكن لها أن تؤسس لدولة ديمقراطية عادلة ، يحكم فيها الفقير والغني ، والجميع سواسية أمام القانون .
حكم صدام سقط ونظامه لأنه استبد وطغى وتبنى الحلول الأمنية في كل مراحله حكمة ، وأحاط نفسه بشلة من الفاشلين والقتلة ، الذين لم يتوانوا من قتل الشعب العراقي وغيرهم من المداحين ووعاظ السلاطين وترك عموم الشعب يعاني من حكم مجموعة من المراهقين واللصوص ، ومرتادي النوادي الليلة والسهرات الفاجرة .
ولكن هل استفدنا من حكم الطاغية ، والى أي مدى استفدنا ؟!
يا ترى إلى أين يريد السيد المالكي أن يأخذنا ؟. وهو محاط بمجموعة من المشمولين بقانون الاجتثاث ، وهو من يمسكون بأمن البلاد ويحاول استنساخ تجارب صدام الفاشلة ، بالتوجه إلى رؤساء عشائر بعضهم منبوذين لأنهم أو آباءهم كانوا من المقربين لصدام وتخلوا عنه وقت شدته .
لهذا يقال في الأمثال العربية : ثمن الكرامة والحرية فادح ..ولكن ثمن السكوت عن الذل والاستعباد أفدح …. ونقول عندما يحكم العراق المزاج فالمصير مجهول .