17 نوفمبر، 2024 7:32 م
Search
Close this search box.

حين لايبرز شيء أخر تصبح الهراوات اوراق رابحة

حين لايبرز شيء أخر تصبح الهراوات اوراق رابحة

” لا تقرأني كثيرا لأنك تصاب بالعمى من كثرة الدخان في تاريخي “، لا تقرأ تأريخنا لانك ستغرق ببحيرة من الدماء لكثرة الحروب ، لن تتعلم شيء من تجارب العقول الصحراوية فهي مليئة بالغزوات والاغتصاب والغدر ، غالبيتنا لاينام الا وسلاحه تحت وسادته مّن منا لا يخرج إٍلا وهاجس الخوف رفيقه ، رايات القبائل موشومة بالسيوف المتقاطعة فهي نتاج لموروث مجتمعي قلق ، الاهازيج حتى بالافراح لاتخلو من التهديد والوعيد ، هكذا جُبُلنا على العيش ،هكذا كُتَّبَ تأريخنا الذي اصابنا بعسر الهضم الفكري ، هكذا اصبنا بأنتفاخ الآنا وتكرشت العقول بالفساد وأصبحت طبول حرب منها وأليها تدور رحى الغزوات والصفقات الفاسدة .

احلامنا تتكسر كما الزجاج وتتناثر امامنا على الارض لتدمي اقدامنا لتترك اثر المنكسرين والمخذولين فنحن نعيش بزمان لاتتحقق به الاحلام ولاينمو فيه الامل ، نحن مصابون بالتصحر لكننا مصرون على الحُلم ومتمسكين بالأمل رغم الخراب ، نحن مثل شجرة الصبار وسط الصحراء .

قرأت ذات يوم عبارة جميلة ” اذا كنا نحن مخلوقون من تراب لماذا لاتنبت فينا الورود ” لكي تفوح منها رائحة عطرة ، فعلا لماذا لاتنمو فينا الازهار والورود المتعددة الانواع والألوان ألسنا من تراب ؟ .

هل نحن تربة مخصصة لطمر نفايات العالم ام لطمر المواد المشعة بحيث نبدو للعالم بدون هوية واضحة المعالم ، لماذا تنبت فينا الفتنة ويكثر بيننا دعاة الذبح ورعاة الفساد ؟ ربما كنا بالماضي مجتمع نووي متفاعل وأصابه الدمار اشبه بالمفاعل النووي تشرنوبل الذي انفجر نتيجة الاهمال ، انفجرنا واصبحنا على مانحن عليه ، لذلك ولدت فكرة الهجرة والعيش بتربة صالحة لكي ننمو بشكل أنساني ونزهر محبة ومودة ونفكر بعقولنا لا بخوفنا .
القاسم المشترك بين المفاعل النووي والنظام السياسي كلاهما ينتجان الكعكة ، المفاعل النووي ينتج الكعكة الصفراء والنظام السياسي يصنع الكعكة ويتقاسمها ، السعي نحو الكعكة الصفراء التي يتقاسمها امراء المحاصصة حولوا المجتمع الى بيئة غير صالحة للعيش الادمي .

البناء المجتمعي يشبه بناء المفاعل النووي المتناسق كل جزء فيه يكمل الأخر ، البناء الأجتماعي هو الاخر متكون من نظم وأنساق ، النسق الأسري ، النسق الاقتصادي ، النسق السياسي ، النسق الديني ، كل هذه الانساق تبنى بشكل متوازن ، اذا اهمل نسق منها فأنه يؤثر تأثيراً بالغاً على الانساق الاخرى ، في المجتمعات المتقدمة النظام الاجتماعي هو من يختار النظام السياسي الذي بدوره يقوم بتنظيم المجتمع بشكل متوازن ، ماحصل بمجتمعنا ان النظام السياسي اما ان يأتي بتعيين من الخارج او يأتي بأنقلاب او بثورة تقوم بها مجموعة من الضباط على النظام السياسي المعين او المُنقلب ، هذا النظام السياسي يقوم بالاهتمام بنسق او نسقين ويهمل الانساق الاخرى هنا يحدث الخلل وهنا يحدث الانفجار المجتمعي التشرنوبلي نتيجة الاهمال ، فنحن كل حقبة نتعرض لأنفجار اما لخلل بالتربية والتعليم او بخلل اقتصادي وتشويه سياسي او بتضخيم او اهمال للنسق الديني .

كل نظام سياسي مُعين او مُنقلب يعتمد على ما يحتاجه ويبقيه بالسلطة ، فهذا يهمل الاقتصاد وذاك يجعل الدين سيف على الرقاب وذاك يعسكر الاسرة والعشيرة وهذا يعدم السياسة وذاك يغتال الانسانية ، عندما تغلق الطرق امام الاصلاح والبناء وعندما تقف الحكومة عاجزة عن تأمين العيش الكريم لمواطنيها وعندما تختفي قيم المجتمع الحقيقية ويحل محلها التردي والانحطاط ستبرز الهروات لتضرب ضربتها لكي تقلب الموازين وتصبح الامور خارج السيطرة .

أحدث المقالات