14 مارس، 2024 5:59 م
Search
Close this search box.

حين كنت مراسلا في واقعة الطف.. الحلقة الخامسة

Facebook
Twitter
LinkedIn

حلقت هذه الليلة في مخيلتي وانا كنت واضعا رأسي على حنين امي وهي تستمع الى المرحوم الراحل ” جاسم النويني” في معلقته ( جسام يا ضنوتي) وكنت اهيم مع ذلك الصوت الذي كنت اراه غيبيا حد الاعتقاد به والتسليم له.. كانت امي تلطم بكل ما لديها من حزن على جسام الذي يشابهني بالعمر كثيرا انذاك حتى اغمضت عيني ورأيته من داخل روحي ملاكا هاشميا جاء من عرش السماء ليدافع عن دين جده محمد ص.. رأيته يختلف عن طفولتي فلم يكن يشهيني للحد الذي كنت اعتقده ، لقد كان عظيما لدرجة الامامة.. حتى وصل القارئ الى قوله ( نسيت ارباك يا جاسم نسيته) شعرت بأمي تصرخ بكل ما فيها من وجع واجهشت بالبكاء حتى اعتقدت انه من بقية اخوتي الذين يكبرونني سناً..! منذ ذلك الحين وانا علمت ان لهؤلاء الثلة شأن عظيم وان البكاء عليهم ظاهرة يجب ان لا تنتهي.. وعدت لذلك الصوت الاتي من حيث لا اعلم، افزعني حين قال ( ريت الگبر ضمني گبل ما ضمك) سمعت صوت يصرخ من عمق الحاضر استيقظني حد الجزع ، تحريت عنه انه صوت لزوجة اخي التي فقدت ابنها العريس في الليلة الاولى من المحرم في معارك التحرير ضد التنظيمات الارهابية .. نعم لقد اوجع قلبها صوت “النويني” وهو يذكر تفاصيل واقعة القاسم ع..

(يفي الصيف يا عذب الهوه اليسري..!

تشيب امك يجاسم من بعد عدها

عين الله على العريس واحدها

تريد تناشدك دگعد وناشدها

اتگلگ باليسر ياهو اليرچبني)..

ورحت مع صراخ هذه ونوح امي وعزاء النويني وبين لحظات تلك الواقعة ،حتى رأيته في عمق مخيلتي كيف نزل انيقا لساحة الحرب ( ابى ان ينزل الحرب دون ان يربط شسع نعله لانه حفيد محمد وعلي صلوات الله عليهم) استأذن عمه حد العناق والوداع الاخير وامه تنظر اليه من وراء الحجب كيف يدافع هذا الصبي الهاشمي عن عمه ابن فاطمة ع..

اخذني القارىء بالقاسم ع حتى انزله الساحة مرتجزا وهو يقول..

ان تنكروني

فانا نجل الحسن..!

سبط النبي المصطفى والمؤتمن

هذا حسينُ كالاسير المرتهن

بين اناس لاسقوا صوب المزن…

وظل يرتجز وانا مغمض عيني محلقا مع القاسم حتى جاءه لعين فطعنه في خاصرته العظيمه فصاح باعلى صوته عم يا حسين ادركني.. فحينها تذكرت كيف احتضنت ابن اخي اول عثوري عليه شهيدا في ساحة الحرب وكيف اوجعني قلبي في تلك اللحظات رغم انه لم يقتل امامي.. فكيف بالحسين ع وهو يقف على مصرع ابن اخيه قائلا ( خذ حتى ترضى ) لا احدً منا يشبه الحسين في مصيبته ولا حتى في اصغر اشياءه..

وقف عليه والقاسم يبحث في رجليه الارض من شدة وجع الاصابة احتضنه بكل ما لديه من وداع وغربة وهو يقول ما اجراءهم على الله وهم يقتلونك يا بني.. رفع رأسه الى السماء وكأني به يقول..

ياربي اني ارفع رأسي لسماواتك وانا اقدم قرابيني فخذهم مني حتى ترضى .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب