22 نوفمبر، 2024 12:01 م
Search
Close this search box.

حين كنت مراسلا في واقعة الطف.. الحلقة الثانية

حين كنت مراسلا في واقعة الطف.. الحلقة الثانية

كنت صغيرا جدا وانا اجلس مع ابي وامي لاستمع معهم بكل احساس لصوت الشيخ عبد الزهرة الكعبي ،او الشيخ الدكتور احمد الوائلي، وهم يروون لنا قصة الحسين الثائر ع، كنت اتابع عيني ابي التي لم تنفك عن البكاء والانكسار طيلة تلك المجالس ،واشاهد ايضا على وجهه حالة الحزن التي لم اشاهدها عليه حتى وان فقد واحدا من اخوته .. واترقب امي حين اضع رأسي على فخذها وهي تلطم على صدرها وتصرخ ااااه يا زينب.. !

لماذا كل هذا الحزن على زينب وعلى الحسين واهل بيته.. ؟! من هو الحسين كي يأخذ كل هذه المساحة من قلبي امي وابي ؟!،لاتابع معهم الاحداث، احاول غمض عيني وملىء خيالي بما يقوله رجال المنابر واحلق في عالم الحسين ع كي اعيش المرحلة..!

نزل بأبي وامي بوادٍ غير ذي زرع، لا يوجد فيه سوى النهر الذي يفصل بينهما جيش كبير ليزيد ابن معاوية، اوصى اصحابه بالصبر ،وشدد عليهم بتقريب الخيام من بعضها ،وان القوم لا يطلبون غيره ،، ” فأتخذوا من هذا الليل جملا وليأخذ كلاً منكم بيد واحد من اهل بيتي” ..! اي انه صلوات الله عليه كان لصلب عقيدته وثباته قادرا على مواجهة جيوش الاعداء لوحده.. واما عبارة ” الا من ناصرا ينصرنا” ما كانت الا لالقاء الحجة على جميع الناس..

كان يطيل النظر الى صغيراته واهل بيته.. يسمع صوت رضيعه يشكو العطش فيشكو عطشه الى الله سبحانه، وطفلة تحاول لبس قرطها ، كان يتمنى ان لا تلبسه لانها لا تعلم ان الاعداء سيخرقون اذنها من اجل الحصول عليه..! واخرى تضع رأسها بين ركبتيها فيسمعها تخاطبه ( اراك تنعى نفسك يا والدي هل من طريق اخر نسلكه) فيرد عليها هيهات يا بنيتي لو ترك القطا لغفى ونام..!

لكن الله منجيكم يا حبيبتي وحافظكم من شر الاعداء.. بنيتي تحلي بالصبر فأن سياط اهل الكوفة ستأخذ منك مآخذها .. وقف عند باب خيمتها وصاح باعلى صوته ( الا من ناصرا ينصرنا ونحن بيت رسول الله ، الا من مغيث يغيثنا) كانت تستوقفني هذه العبارة كثيرا حين تمر على مسامعي، خصوصا بعدما ادركت عظمة الحسين ع.. فالعظيم حين يطلب النصرة والاستغاثة فهذا يدل على ان الواقعة عظيمة جدا ولا يمكن لاي احد منا ادراكها.. لطالما اتوجع حين اسمعها اذ لم تفارق مسامعي وكأنني سمعتها قبل ولادتي وقبل وجودي في عالم الدنيا.. يمر شريط الاحداث وانا لازلت مغمض عيني واعيش تلك الواقعة، حتى استيقظت ظهيرة يوم الجمعة على صوت من عمق الحسين ع ينادي بالنصرة ..!

( وان من يضحي منكم في سبيل الدفاع عن بلده ومقدساته فأنه يكون شهيدا)..! استرجعت ذاكرتي التي لم يغب عنها ذلك الصوت.. هو نفسه ذلك الصوت ، وهي نفسها تلك الجبهة.. ( جبهة الحق وجبهة الباطل) لكن الفرق ان الملايين خرجوا اليوم بين يدي حفيد الحسين ع ولم يتركوا سكينة عرضة للسبي..! ودافعوا بارواحهم عن اذني تلك الطفلة كي تنعم بقرطيها وجاؤوا بقرب الماء لرضيع الحسين ع…!

أحدث المقالات