23 ديسمبر، 2024 3:29 ص

حين رسب “ابو ياسين” في امتحان الحمير

حين رسب “ابو ياسين” في امتحان الحمير

تابعت مثل سواي من القراء سلسلة مقالات صديقي وجاري في “المشرق” الدكتور طه جزاع عن “الحمير”. ولكوني قريب بحكم الصداقة الطويلة مع جزاع الابن وبسبب إعجابنا بالصديق المشترك “أبو صابر” فانه غالبا ما كان يحكي لي على السريع وعبر الهاتف مضمون الحلقة المقبلة من مقالاته عن الحمير. والحق ان ابا ياسين انصف هذا الحيوان الذي تكالب على محاربته الجميع واتهموه بشتى التهم والأوصاف ومنها بل ومن أخطرها تهمة هو بعيد عنها تمام البعد وهي “الغباء”.
واذا كان “الاخرون هم الجحيم” كما يقول هاملت لاسيما من غير العارفين بهذا الحيوان الصبور والجميل والذكي جدا أو الكارهين له لأسباب مختلفة “يمكن بعضها انتخابية بعد ان قرر حزب الحمير في كردستان دخول الانتخابات البرلمانية القادمة” وربما هناك اسباب أخر لا مجال للإشارة إليها الآن لكن ليس لأسباب حميرية بالتاكيد..  اقول اذا كان من حق الاخرين من غير العارفين به ان ينعتوه بالغباء  فكيف يمكن للمدافع الشرس عن حقوق الحمير الدكتور طه جزاع وعبر سلسلة مقالات كاد ان يقنعنا فيها ان ليس بوسع احد ايجاد حل للازمة السورية سوى الحمار ان “يرسب” في اخر حلقة فيما “رسب” فيه الاخرون من بني البشر في امتحان الحمير حين وسموه بالغباء ؟
 ففي الحلقة الاخيرة من سلسلة مقالاته والتي جاءت بعنوان “وسام سلطاني للحمار ” استعان “ابو ياسين” برواية الكاتب التركي عزيز ينسين الذي اورد حكاية الحيوانات التي طلبت من السلطان منحها أوسمة للخدمات الجليلة التي قدمتها وهي البقرة التي تعطي الحليب والبغل الذي طلب هو الاخر وساما من الدرجة الاولى لخدماته في الحرب والسلم فاذا بالنزعة الانسانية المتعالية عند ينسين والتي استنسخها دون ان يدري صديقنا الدكتور طه تظهر علانية من خلال طلب الحمار وساما من السلطان. وحين سأله السلطان عن السبب الذي دعاه طلب الوسام كان جوابه  “لولا مستشاريك الحمير لما جلست او بقيت جالسا على كرسي السلطة”. إذن “ما سوينه شي” يا دكتور طه .. ففي النهاية “طلع الحمار غبيا”..  فعلى ماذا كان كل هذا اللطم ؟ 
لعل الفرصة لاتزال  سانحة لان يغير الدكتور نظرته او يصحح موقفه والا فانه سوف يرسب في هذا الامتحان الذي صممه لنفسه ووضع الاسئلة له مع اجوبتها النموذجية. فكيف يستقيم الحال مع دفاع مستميت ومقنع الى حد كبير يتحول في اخر المشوار الى هجوم غير مسبوق عندما استكثر زميلنا طه حصول الحمار على وسام مع انه يستحق اكثر من ذلك. اكرر ان  الفرصة مازالت سانحة أمام الدكتور طه لإعادة الاعتبار للحمير لان كل الاستشارات التي نتحمل مصائبها الان على كل المستويات جاءت على لسان مستشارين من بني جلدتنا.. بدءا بالمحاصصة  العرقية والطائفية التي اوحى بها للحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر بعض السياسيين الذين انخرطوا معه بصفة مستشارين. وانني على ثقة تامة انه لو كان في معية بريمر حمار واحد .. لما وصلنا إلى ما وصلنا اليه الان.