22 نوفمبر، 2024 5:49 م
Search
Close this search box.

حين تغيب المروءة

حين تغيب المروءة

-1-
ينطلق الكثيرون من (ذواتهم) في كلّ ما يصدر عنهم من تعاملات ، وعلاقات، وكلمات في جانبيْ السلب والايجاب …

يكفي أَنْ تُغضب أحدهم في موقف ، لتكون من أسوأ الناس خُلقاً ، ومن أكثرهم فشلاً ، حتى اذا كنتَ المُتَفوّقَ الأول على الزملاء جميعاً ، لا في العلم فقط، وانما في العمل النافع الجاد أيضاً ..!!

هذه النظرة المغموسة بالذاتية، مرفوضة عند العقلاء والمنصفين .

ان العصمة لأهلها، وأمّا سائر الناس فهم قد يخطأون أحيانا، وقد يسيئون ولكن من دون تعمد، ومن دون سابق اصرار .

من حقك ان تغضب اذا كانت الاساءة بحقك مقصودة ، وليس من حقك ان تغضب اذا جاءت عن طريق الصدفة، ولم تكن بتعمد ….

-2-

وهناك من لايُنكر أنّ أحد أخوانه مثلاً قد طوّقه بالايادي البيضاء ، والمواقف الايجابية المفعمة بالودّ ، ولكنه غير مستعد على الاطلاق لان يُبدي شُكْرَهُ له وان يتعاطى معه على ضوء تلك اليد ….!!

والسؤال الآن :

لماذا ؟

والجواب

لأنه لايملك من المروءة شيئاً …

وهذه حالة مريضة بائسة تجعل صاحبها من المتخلفين، على كل الصعد والمستويات : أخلاقيا وانسانيا واجتماعياً وحضارياً .

فالتحية لابد ان تقابل بتحية مثلها أو تزيد عليها .

-3-

وكاتب السطور يحاول ان يُفيد من كلّ ما يقف عليه من تجارب ومواقف يبديها هذا الرجل او ذاك في خضم مساراته اليومية مع الآخرين .

ولتوضيح ذلك بمثال أقول :

سمعتُ أنَّ أحد السياسيين العراقيين سعى الى تعيين راتبٍ شهريّ لرجل كانت له بعض المساهمات والفعاليات ضد الدكتاتورية البائدة، ولكنه لم يستطع ان يشق طريقه للوصول الى مايريد في العراق الجديد .

وكان الراتب المحدد هو عدة آلاف من الدولارات ..!!

كان راتبا ضخماً لايتقاضاه إلاّ كبار الموظفين في الدولة ..

ومع ذلك فلم يتفق ولا لمّرة واحدة أن اسمع الثناء من قابض الراتب الضخم، على مَنْ كان السبب في إجراء ذلك الراتب الضخم له ..!!

بل على العكس من ذلك ، فقد كان يقرن ذِكْرَهُ بالانتقاد، ويكيل له من الصفات السلبية ما يكيل من دون هوادة …. وكأنه المسيء اليه ..!!

هذه الحالة أدّت الى ان يسقط ناكر الجميل من عيني ، وان اتخذ القرار بتقليص صلتي به الى أبعد الحدود ، تمهيداً لقطعها بشكل نهائي .

حيث أنَّ :

(مَنْ لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق )

ومن يقف مع المحسن اليه هذا الموقف ،لايتردد في ان يقف الموقف نفسه مع غيره ، لاسيما اذا لم يكن له عليه أيادٍ تُذكر .

ان (ناكر الجميل) لو رأى الناس يتعاطون معه على ضوء ممارساته البعيدة عن رحاب المروءة ، فانه لن يتمادى كثيراً في العَمَهِ ، ولن يسارع الى ما يسارع اليه من سلوك مَشُوبٍ بكثير من المفارقات والمواخذات..!!

وباختصار :

ان نكران الجميل ، وان كان اساءةً الى الآخرين وليست لك، ولكنها من المؤشرات الكاشفة عن كُنْه الشخصية وخلفياتها ، ولا خير في من يخرج على القواعد الأخلاقية والمواضعات الانسانية .

والزهد في مثل هذا الناكر للجميل هو الأوْلى .

أحدث المقالات