17 أبريل، 2024 11:01 ص
Search
Close this search box.

حين تسكت الدولة عن سرقة أموال الناس !!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

رغم إن الفساد ينتشر في العراق بشكل يجعل بلدنا في مقدمة قائمة الدول التي تضعف فيها الشفافية وتسود فيها السرقات ، إلا إننا نسمع بين الحين والآخر إن الدولة استطاعت الكشف عن بعض الحالات من خلال الرقابة المالية او هيئة النزاهة اوالبرلمان او من خلال القضاء او من خلال اللجنة التي شكلها رئيس مجلس الوزراء ، وبغض النظر عن كمية وجودة وفاعلية تلك الإجراءات ومدى إسهامها في المعالجة الجذرية لظاهرة الفساد ، إلا إنها تهتم بالدرجة الأساس بالأموال والأصول المسروقة من الدولة ، وكأن تلك السلطات معنية بالدفاع عن حقوق الدولة وأموالها المنهوبة بمعزل عن حقوق المواطنين ، وصحيح إن القضاء يختص بالقضايا المدنية المتعلقة بأموال الناس المنهوبة او المستحقة من خلال محاكم البداءة او غيرها من السلطات ، إلا إن هناك حلقة تكاد تكون مفقودة وهي الدفاع عن حقوق وأموال الناس في علاقتهم بالقطاع الخاص ومنهم القطاع المصرفي الاهلي إذ إن هناك متعلقات لم تحسم منذ سنوات ، ومن الناحية القانونية فان البنك المركزي العراقي هو المسؤول عن تنظيم هذه العلاقة والتصدي لمخالفاتها ومساءلة مرتكبيها استنادا لقانون المصارف رقم 94 لسنة 2004 ، الذي لم يترك شاردة ولا واردة إلا وضمنها في نصوص المواد الواردة فيه ، والبنك المركزي بموجب الدستور يمتلك العلوية في ولايته على عمل المصارف الأهلية من حيث الرقابة والتنظيم كما انه يتمتع بالاستقلالية التي تمنحه الحق في اتخاذ كل الإجراءات التي نص عليها القانون دون التدخل في أعماله وشؤونه من قبل الغير إلا بالقدر الذي تجيزه التشريعات .
وهذه العلوية والاستقلالية يفترض أن تستثمر بالشكل الذي يحقق أهداف العمل المصرفي وسمعته ويوفر الحماية الكاملة لأموال الكل أفرادا ومؤسسات ، باعتباره الجهة الحصرية في منح إجازات تأسيس المصارف الأهلية والإشراف على شؤونها بمختلف المجالات ، وبسبب هذه المزايا فقد اقبل الناس على التعامل مع المصارف الأهلية باطمئنان على أساس إن أدائها مكفول من سلطة البنك المركزي ، وعند الحديث عن الأداء الذي لحق أضرارا بالمواطنين من قبل المصارف الأهلية ( المتلكئة ) ، لا نجد في الواقع الفعلي أثرا لتفعيل مواد القانون لتلك المصارف الأهلية التي لا تزال تحتفظ قسرا بأموال المساهمين والمودعين والدائنين أفرادا وشركات من دون اتخاذ إجراءات تعيد الحقوق لأهلها الذين باتوا يعانون الظلم ، ومن أمثلة ذلك مصرف ( الوركاء الأهلي ) الذي بدء بالنكول منذ عام 2010 ولم يجد دائنيه رد الفعل المناسب من قبل إدارته او من قبل البنك المركزي لإعادة الأموال لأصحابها ، فالقضية في حالة صمت بعيدا عن علم أصحاب الحقوق ، والنتيجة إن المودعين لم تسترجع إيداعاتهم منذ أكثر من 12 عام وما يسمعوه عبارة عن وعود اقل ما يقال عنها إنها تسويف وإضاعة لمزيد من الوقت ، ومن الغريب إن هذا المصرف لايزال يزاول أعماله في مقره الوحيد في بغداد ( المنصور ) ويعمل فيه عدد من الموظفين الذين يشغلون أوقاتهم بشرب القهوة والشاي ويتقاضون رواتبهم من أموال المودعين ، وهم لا يسمحون بمراجعة ( ضحاياهم ) ولا يجيبوا عن أية أسئلة تخص الموعد المحدد لإعادة الأموال ، فكل ما يصدر عنهم هي مماطلة وخداع لم يقبض منها المودعون دينارا ، وفي ذلك انتهاكا للملكيات الفردية ( التي كفلها الدستور ) وإنقاصا متعمدا للحقوق لان القدرات الشرائية لأموال المودعين تتعرض للتناقص بسبب معدلات التضخم التي تزداد سنويا حسب بيانات وزارة التخطيط .
والمودعون لم يتركوا بابا إلا وطرقوه سواء بمراجعة المصرف ذاته او البنك المركزي او القضاء او تنظيم اعتصامات وتوجيه مناشدات لمختلف مستويات الدولة ، ولكنها جميعا لم تجدي نفعا ف(الوركاء) يقول إن الأمر بيد البنك المركزي والأخير يقول إن الموضوع تحت الانجاز والقضية مضى عليها 12 عام ، وقد امتلأت آذان المودعين بعبارات (الوصاية ، الاندماج ، الهيكلة ، الرسملة ، إعادة انتخاب مجلس الإدارة ) وجزعوا من الوعود والحلول أصيبت بالعقم لان المهم والأهم لم يتحقق بإعادة الأموال ، ولأننا في دولة وفيها سلطات عاملة وقوانين فان المفروض إن تحل هذه المشكلة دون التكتم عليها لأي كان ، باتخاذ إجراءات عملية لإعادة أموال الناس والتوقف عن الصمت القاتل الذي لم يجلب غير الخراب لبيوت العراقيين ، ممن ائتمنوا هذا المصرف بأموالهم ولم يجدوا غير التستر عليه ، وخلال هذه السنوات مات منهم من مات وتعرض غيرهم لأشد الاحراجات ، فالمودعين ضاعت عليهم الفرص في التصرف بأموالهم والمصرف لم يحرك ساكنا منذ سنوات ، ولكم أن تتصوروا الضرر المادي وغير المادي الذي يلحق بهم بسبب إيقاف سحب واسترجاع الأموال من 2010 وحتى اليوم ، والغريب انه لم تحدد مسؤولية ما حصل ولم يقدم أحدا على القضاء ، فالي من المشتكى يا دولة المؤسسات وأين العقاب على من يهدر او يسرق أموال الناس؟! .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب