6 أبريل، 2024 8:00 م
Search
Close this search box.

حين أدلهمت الخطوب على آل ياسر

Facebook
Twitter
LinkedIn

في يوم 23 كانون الثاني عام 2016 ، كتبتُ في صحيفة ” الزمان ” بطبعتيها المحلية والدولية ، مقالاً بعنوان ( ابو كَاطع ) تحدثتُ فيه عن سمة الوفاء الشاسع الذي يضمه قلب نجل الكاتب الكبير و الظاهرة الوطنية شمران الياسري ( ابو كَاطع ) ، انه قلب السيد ” إحسان الياسري” هذا القلب الذي يملأه فخرا وامتنانا بأبيه .. الرجل الذي غادرنا قبل نحو اربعين عاما ، لكن شهرته ، توالت وتوالدت عبر سنوات من العطاء الاعلامي والثقافي والسياسي ، وهذا العطاء كان وفيرا ومحببا للمتلقين ، فبقيت خالدة في الذهن وتترد على الالسن جيلاً بعد جيل .. ولعل كلمته الشهير ( احجيها بصراحة يا بوكَاطع ) بقيت علامة لا يمحيها الزمن .. فعقله كان اكبر من عمره ، وقلبه لا ينبض له وحده ، ولهذا فان فكره وحسه سبقا جيله ، بل سبقا عمره ، ومن اجل هذا تعرض لكثير من الهجوم ولكنه لم يهتز ، لأنه كان يؤمن بعقله وقلبه ، والذين هاجموه عن حقد غفر لهم والذين هاجموه عن غير فهم ،غفر لهم ..!

شخصياً ، تعرفتُ على الكبير شمران الياسري في العام 1975 حين كلفني رئيس تحرير جريدة ” الثورة ” طارق عزيز وكنت رئيسا لقسم المحليات، كتابة موضوع عن ناحية ( الفهود ) في اعماق الناصرية ، بما يشبه الرد على ما كتبه الياسري عن البؤس الذي تعانيه الناحية في جريدة ” طريق الشعب ” … ومعروف ما يحمله نهجا ( الثورة وطريق الشعب ) من تضاد بالرؤى والفكر.. لكني حين عدتُ من مهمتي ، لم اكتب التحقيق الصحفي الذي كلفتُ به للرد على الياسري ، بل كتبتُ تقريرا الى رئيس التحرير مؤكدا ، صدق ما كتبه الياسري ، وللأمانة التاريخية ، اذكر ان رئيس التحرير اقتنع ، وثمن صدق ما اوضحتُ وشكرني ، وطلب إهمال موضوع الرد الصحفي ، واكتفى بتحويل ملاحظاتي الى الجهات المختصة لمعالجة الأمر .. وفي مدة لاحقة ، رن هاتف الصحيفة.. كان المتصل الياسري ذاته ، ويبدو ان احداً ممن التقيتهم في ناحية ” الفهود ” اخبره بالزيارة وبإسمي .. كان صوت الرجل ، يحمل دفئاً ومودة لازلتُ اتذكرها … فنشأت بيننا منذ ذلك الحين ، صداقة استمر ضوعها لسنين لاحقة ، تشهد عليها ايام بيروت وهنكاريا حتى توفاه الله في حادث سير .. طيب الله ثراه ..

قد يسأل المرء ، عن المناسبة التي دعت لكتابة هذه السطور ، فأجيب انها المواقف المؤلمة التي مر بها ، نجله الوفي الاستاذ إحسان ، مؤخرا ، حيث توفى شقيقه السيد فائز ، والسيد علي احد ابناء عمومته في اسبوع واحد وفي ايام متقاربة ، وقد هزتني كلماته ازاء تلك المواقف ، ففي رد اخوي ضمه ” كروب بيت شمران الياسري الثقافي ” على سيدة من عضوات الكروب قال (.. هذا الاسبوع كان الأطول عليّ ، فقدت فيه اخا عزيزا ، وابن عم عزيز … الثلاثاء 30 اذار مات فائز ، والسبت 3 نيسان مات علي .. ثم من الاحد باشرت بالدوام ، وبعد الدوام بدأ مجلس استقبال المعزين الى العاشرة ليلا ولغاية يوم الاربعاء.. كانت أيام طويلة ومتعبة ، وفي الخميس جئت للكوت. ومن فرط التعب نمت مبكراً .)

وفي سطور اخرى ، آلمتني جدا .. كتب : ( مات فائز، ولم تزل في الحياة فرصة أن نعيشها معا .. رحمك الله اخي ونور عيني ومعلمي وسندي ، أي درس أن ترحل وعقلك يتقدُ بهجةً وأملا.. إلى جنات الخلد أخي فائز، فمثلك يستحق الحزن عليه )

غير ان قراره ، ببناء قبر رمزي لأبيه ( ابو كَاطع) في النجف الاشرف ، الى جانب قبر شقيقه فائز ، كان قمة الوفاء والانسانية ، وحينما سأله سائل عن سبب بناء القبر ، بينما السيد شمران، مدفون بمقبرة للشهداء خارج العراق ، ذكر كلمة ابكتني : كي لا ينساه أولادنا ..

العزيز ابا زينب ، ان الانسان بلا وفاء لأهله واسرته ومحبيه مثل قنديل بلا زيت .. فلك قبلة على جبينك الوضاء وانت ترسم طريقاً لوفاء الابناء لآبائهم وذويهم ومجتمعهم .. بوركت

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب