حينما يتظاهر العراقيون من أجل الوطن!؟

حينما يتظاهر العراقيون من أجل الوطن!؟

منذ تأسيس الدولة العراقية في 1921 وعلى مر كلالحكومات التي حكمت العراق من ملكية الى جمهورية ، لم يخرج العراقيين بتظاهرات ولم يعتصموا ، بقدر تظاهرهم واعتصامهم ضد حكومات ما بعد الاحتلال!! ، حيث لم يكونوا ومع الأسف عند مستوى الطموح والأمل والوعود التي قطعوها ، بتوفير الحياة الحرة الكريمة للعراقيين  ، وباعادة أعمار وبناء العراق ،فانشغلوا بأنفسهم وبالمصالح الشخصية لهم و لأحزابهم ، وتركوا العراق وشعبه يذهب الى جحيم وسقر وليشرب من ماء البحر!! ، فكثرت الأزمات وتراكمت حتى صار حل أبسط مشكلة يعد امرا مستحيلا . وباستثناء  تظاهرات تشرين 2019  التي بدأت بتجمع بسيط ثم تحولت الى تظاهرة فاعتصام ثم الى انتفاضةوثورة جماهيرية عارمة شارك بها كل العراقيين بكل مللهم ونحلهم وقومياتهم وطبقاتهم حاملين شعار ( نريد إعادة وطن) ، فاستثناء من تلك الانتفاضة الوطنية ، لم يخرج العراقيين بتظاهرات وطنية خالصة  من أجل العراق وما وصل أليه من حال لا يحسد عليه! ، فكل تظاهراتهم أما من أجل المطالبة بالخدمات ، الكهرباء ، الماء ، وبقية الخدمات الانسانية والاجتماعية الأخرى أو يتظاهرون من أجلالتعيين أو من أجل زيادة رواتبهم او مخصصاتهم ، أو تعديل سلم الرواتب وتوحيد الجميع بسلم رواتب عادل لا تمييز فيه بين هذه الوزارة وتلك! ، صحيح إنها تظاهرات مشروعة والمتظاهرين محقين في خروجهم وتظاهرهم ، ولكن تعتبر تظاهرات لمطالب فردية يمكن ان نقول عليها شخصية! ، وغالبية هذه المظاهرات كانت تنتهي الى لا شيء! ليس من قسوة قمعها من قبل القوات الأمنية فحسب ، بل لأن الحكومة والأحزاب السياسية ( ومعهم الحزب الشيوعي الذي أصابه الخرس وهو يرى ويسمع أين وصل الوطن الحر، وأين وصلت صرخات الشعب السعيد!) ، فكل الأحزاب سدت أذانها عن سماع نداء أي مظلوم بالعراق ،او تحقيق مطالب أية متظاهر!. مما لا شك فيه أن الاحتلال وكثرة التدخلات الخارجية والاقليمية بالشأن العراق جعلت من العراق ضعيفا مسلوب الارادة والقدرة ، لا سيما وان الأقدار الالهية وضعته وسط بيئة جغرافية من الدول التي تضمر له كل العداء والكره والطامعة به منذ فجر التاريخ! فلا يريدون له ألاّ الحزن والخراب والدمار والزوال ، فعملوا على نهبه وتدميره بالمشاركة مع المحتل منذ 2003 ولحد الان!. أن واحدة من أزمات العراق الخارجية والدولية هو موضوع الحدود البرية والبحرية مع جارة السوء الكويت! ،نعم جارة السوء فعلا ، التي تضمر للعراق كل الكره والحقد، والتي تقبل العمى ولا ترى العراق طيبا مزدهرا! ، حتىأضطر العراق لتأديبهم سنة 1990! بما يستحقون ،فالكويت معروف عنها وكما في المثل الدارج العراقي ( الخبيث الخنيث)! ولكن دورات الزمن الأغبر، وعمالتهملأمريكا وبريطانيا ، جعلتهم يتطاولون على أسيادهم ، نعم ليعرف العرب جميعا كبيرهم وصغيرهم وأولهم الكويت بأنالعراق سيد العرب وجمجمتها! نعم نحن سادتهم وخيارقومهم ، ورغم تضحيات العراق من أجل أمة السوء هذهبالغالي والرخيص وخاصة الكويت ! إلاّ ان دويلة الشر هذه تجاوزت على العراق ونهبت وتطاولت وتمددت مئاتالكيلومترات بضوء أخضر امريكي وبريطاني وبخيانة البعض ومع الأسف من أصحاب القرار في الحكومات العراقية ، بعد أن استطاعت من شراء ذممهم ، ببضع مليارات من الدولارات أعطتها لهذا المسؤول أو ذاك ، من أجل الاستحواذ على (خور عبد الله التميمي العراقي التاريخي!) ، وجعله ممرا مائيا كويتيا!! ، وبالتالي لتخنق العراق مائيا. ولأن صوت الحق يظل عاليا والمتمثل بصوت النائب الوطني المعارض الأستاذ ( عامر عبد الجبار)أصيب العراقيين بصدمة كبيرة عندما أعلن ، بأن هناك ( (طلبي طعن) مقدمين من قبل السيد رئيس الجمهورية ،والآخر من السيد رئيس الحكومة السوداني الى المحكمة الاتحادية العليا يطعنون!!! ، فيها بقرار المحكمة الاتحادية العليا التي سبق لها أن أصدرته (( ببطلان القانون 42 لسنة 2013  بشأن تصديق الاتفاقية بين حكومتي جمهورية العراق  ودولة الكويت  المتعلقة بتنظيم الملاحة في خور عبد الله )) ، وهنا قامت الدنيا ولم تقعد وهاج العراق وماج وخرج بتظاهرات عمت جميع المحافظات تطالب المحكمة الاتحادية العليا برد الطعون المقدمة والبقاء على قرارها الصحيح والعادل الذي سبق ان أصدرته. وهنا لابد من الاشارة وبتعجب : كيف أقدم دولة الرئيس السوداني مع كل الاحترام والتقدير له على تقديم الطعن المنافي لأمال ومتطلبات الجماهير العراقية والذي فيه سلب واضح لحق العراق في مياهه؟ هل نسى أم تناسى ان الانتخابات على الأبواب وأن خصومه السياسيين يتربصون له على الزلة والهفوة ! ، وهو بعد كل هذا الجهد من حركة الأعمار التي قادها في بغداد والمحافظات والتي قربته كثيرا من قلوب الجماهير! ، كيف يقدم على هكذا عمل؟ ماذا سيقول لهم !؟أرى بأن الطعن الذي قدمه دولة الرئيس ، سيكون بمثابة رصاصة الموت في حظوظه الانتخابية التي كان يأملها ، ناهيك أنها صارت نقطة سوداء في مسيرته السياسية! ، لأن الشعب مهما غفل وأستُغفل فانه لا يمد يده الى من يفرط بحقوق العراق وأراضيه ومياهه ، أليس كذلك يا دولة الرئيس؟ وكيف فاتك ذلك؟. من جانب آخر في الموضوع الوطني (لخور عبد الله) والذي يلفت الانتباه حقيقة ، هي أنالصحف العراقية ( ولو أن غالبيتها غير مقروءة! ليس لعيب فيها ، بل لأن العراقي هو أصلا لا يقرأ الصحف!) ، فان هذه الصحف التي كنت أتوقع وأتمنى ، أن تقلب الدنيا ولم تقعدها وهي تكتب بالمانشيتات العريضة والكبيرة عن موضوع ( خور عبد الله!؟) منذ أن بدأت الكويت وقبل أسابيع بالضغط على الحكومة العراقية ، (( فمرة تهدد بالقيام بعمل عسكري لاسترداد خور عبد الله!!؟ ومرة تهدد بفضح المسؤولين الذين قدمت لهم الرشا بذلك!؟)) . وبالوقت الذي قلبت تصريحات النائب الوطني المعارض( عامر عبد الجبار) الدنيا ومطالباته وتصريحاته ودعوته للعراقيين بالتظاهر، كانت الصحف العراقية بعيدة جدا عن الموضوع ، فلم نقرأ مانشيت واحد كبير عن موضوع الخور بأية صحيفة !!؟ ، سوى عمودين على ما أذكر احدهم نشرته صحيفة الدستور والآخر في صحيفة الزمان! ، وفي الحقيقة أن موضوع عدم أعارة الصحف أية أهمية لموضوع (خور عبد الله) ، يثير الاستغراب والتساؤل؟!. ومن جانب آخر أيضا ، كنت أتمنى والأماني كبيرة وكثيرة في نفوسنا !، كنت أتمنى أن تدخل مرجعيتنا الرشيدة على خط الأزمة!! ، ولا أقصد هنا أن يصدر السيد السيستاني أطال الله عمره فتوى بعراقية (خور عبد الله) ، ولكن أن يتم التطرق على الموضوع من خلال خطبة الجمعة أو تصريح أو حتى تغريده تأتي على لسان أحد وكلاء المرجعية ! ، لسبب بسيط هو أن المرجعية حشدت العراقيين عندما داهمهم خطر داعش باستيلائها واحتلالها بالقوة للموصل وباقي المدن والمحافظات الغربية عام 2014 ولولا فتوة ( الجهاد الكفائي) للسيد السيستاني اطال الله عمره لضاع العراق ، فأرى أن الكويت تريد سلب واستقطاع جزء هام من العراق لا يقل أهمية من الموصل وباقي المدن الغربية! ألا وهو (الممر المائي لخور عبد الله) ولكن بطريقة التحايل على القوانين الدولية وبطريقة رشا بعض المسؤولين!!؟ فهي أعتدت على العراق مثلما أعتدى داعش ولكن بطريقة أخرى!؟. وهناك جانب  لا يقل أهمية عما ذكرناه في موضوع ( خور عبد الله) ، هو أن النائب الوطني المعارض (عامر عبد الجبار) بالوقت الذي كان يتوسل ويترجى العراقيين ويطالبهم أن يخرجوا لا بالمئات!! ولا بأعداد قليلة لأهمية الموضوع ولكونه موضوع مصير يخص السيادة العراقية! ، كان هناك لغط في الشارع العراقي يقول ، أين السيد الصدر أعزه الله من كل ذلك ؟؟ فنداء واحد لأتباعه (ستنصب الملايين من الخيم امام المحكمة الاتحادية العليا ،حتى يجبروها على رد الطعون!!) . وهنا نشير بأن (المحكمة الاتحادية أرجأت النظر بالطعون المقدمة من قبل السيد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الى تاريخ 22 من شهر حزيران القادم!) ، فهل سيفعلها السيد الصدر الذي يرفع شعار الصلاح ومحاربة الفاسدين؟ لا سيما وأن موضوع (خور عبد الله) هو واحد من أكبر صفقات الفساد التي شهدها العراق! . أخيرا نقول : منذ زمن بعيد ونحن نعيش صراع وصراع مرير بين الحق والباطل ، حيث لا زالت جولة الباطل قوية! ، رغم أن الحق واضح وذاك رجالاته ، وذاك الباطل وذاك أهله وناسه السيئين! فلمن ستكون الغلبة ؟. اللهم أنك أنت الحق فأنصر الحق وأهله ، وأزهق الباطل ، وأحفظ العراق وأهله ورد عنه كيد من يريد به السوء . اللهم آمين.