18 ديسمبر، 2024 5:57 م

حينما “يتآمر” الشعب..

حينما “يتآمر” الشعب..

ليس غريبًا في بلادنا التي تفتقد لمفهوم الدولة، ان تستمع بين فترة وأخرى للأصوات “النشاز” التي تدعي “زورا” أحقيتها بالتسلط على رقاب عباد الله بحجة “المحافظة على المكتسبات” التي تحولت مع اول تهديد لمناصبهم إلى “رصاص حي وقنابل مسيلة للدموع” تستهدف المطالبين بحقوقهم، لتضاف “حسنة” أخرى للمنجزات التي تحققت خلال السنوات الماضية، تحت عنوان مواجهة التمرد والقضاء على المؤامرة.
لا تستغربوا فحديث صاحب المناصب المتعددة التي تبدأ بمستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد الشعبي ولا تنتهي عند المرشح لمنصب نائب رئيس الجمهوري “الجنرال” فالح الفياض، عن وجود مؤامرة دولية تسعى للانقلاب على الدولة والعملية السياسية، قد يدفعنا للتوقف عن “الضحك” لمعرفة من هي الجهات التي “أرعبت” الفياض من خلال تلك “المؤامرة” التي كشف خيوطها “تشرشل العصر” ليبلغنا وهو يحاول تمثيل دور “نبرة الغضب” وبلغة تهديد واضحة بان “الحشد الشعبي وقوات البيشمركة تنتظر إشارة القائد العام للقوات المسلحة لإحباط المؤامرة الخارجية التي تسعى للانقلاب على العملية السياسية التي تحققت بدماء الفياض ورفاقه”، ليوجه اتهامًا مباشرًا للمتظاهرين “السلميين” بالتمرد وقيادة تلك المؤامرة وهو ما يجبرك بالعودة مرة أخرى “لهيستريا الضحك”.
لكن الفياض الذي تنطبق عليه مقولة “صمت دهرا ونطق كفرًا” لا يعلم بان تهديداته التي اطلقها باستخدام الحشد الشعبي والبيشمركة لا يمكن تفسيرها بغير ” الاعتراف العلني” بإصدار أوامر قتل المتظاهرين لمواجهة ما وصفه “بالتمرد” الذي كانت حصيلته اكثر من 213 شهيدا، في حين تجاوز عدد المصابين الخمسة آلاف بجميع المحافظات التي يقود شبابها “تهمة التمرد”، مع غياب الأرقام الحقيقية لأعداد المعتقلين الذين سيحاكمهم الفياض ودولة رئيس حكومته عادل عبد المهدي كمدانين بالإرهاب لانهم خرجوا للمطالبة بالديمقراطية التي يدعي “صاحب المناصب المتعددة” حمايتها باستخدام “القتلة والرصاص الحي”، لكنه لا يدرك بان الحشد الشعبي الذي حرر المناطق من تنظيم داعش حفاظًا على وحدة العراق، لن يكونا عونًا في الحفاظ على كراسي القتلة والفاسدين، الذين يحرسهم اتباع المصالح المرتبطة بالجارة الشرقية لعدة أسباب ولعل في مقدمتها الفرصة التي منحت لهم في حكومة عبد المهدي لفرض سيطرتهم على صناعة القرار، ليضيف السيد الفياض بعدها متحدثا عن تحقيق لمعرفة الجهات التي كانت تطلق النار على صدور المتظاهرين، في فصل جديد من كوميديا “مهزلة” العملية السياسية.
نعم.. هكذا يريد “ساسة الصدفة” ان يكون العراق بلدًا تنقصه السيادة وبدون معنى لمفهوم الدولة التي ذكرها الفياض “متغنيا” بطريقة التعامل مع المتظاهرين، لكنه تجاهل الإجابة على العديد من التساؤلات بشأن الجهة المجهولة التي اقتحمت المؤسسات الإعلامية وحطمت أثاثها وأحرقتها كما حصل مع فضائية دجلة والعربية و ان آر تي، ليس لذنب سوى نقلها وقائع التظاهرات ومطالب المحتجين وهو ما يخالف توجه مصالح اتباع الجارة، لكن كيف لهذه الجهة كما وصفها المتحدث باسم الداخلية اللواء سعد معن بانها “أياد خبيثة”، ان تتجول من مؤسسة إعلامية إلى أخرى وسط بغداد، بحرية تامة تعتدي على قوات إلامن التي تصادفها و”تهين” العاملين بتلك المؤسسات الإعلامية، هل مفهوم الدولة يا سيادة الجنرال، مصادرة حرية التعبير والاستماع للرأي الآخر؟، وهل ترويع الصحفيين والإعلاميين ودفعهم للهجرة يدخل ضمن نطاق “الحفاظ على هيبة الدولة”؟، وهل ترك المليشيات “سائبة” لتنهش بمن يخالفكم الرأي، يحافظ على مفهوم الدولة؟، نتمنى ان نحصل على اجابات مقنعة قبل الحديث عن التأمر والمتآمرين.
الخلاصة… ان حديث الفياض وقبله بيان عبد المهدي عن التظاهرات لا يعبران عن ابسط مفهوم للقيادة وتحمل المسؤولية، لانهما تجاهلا الدماء التي قدمها شباب الوسط والجنوب للتعبير عن مطالبهم وواجهت دموع الأمهات الثكالى “بنبرة تهديد ووعيد” وهو ما يعكس حجم التأثير الخارجي في خطابهما الذي يدعو لإحياء “الديكتاتورية” من اجل الحفاظ على مكتسبات “المتملقين للجارة” التي ثبتها عبد المهدي،،، اخيرا.. السؤال الذي لابد منه… كيف ستكون ثورة الشعب اذا كان التظاهر السلمي “مؤامرة”؟…