23 نوفمبر، 2024 12:04 ص
Search
Close this search box.

حينما تُغيّب المرأة في دولة ولاية الفقيه العراقية حفل إفطار قنصلية العراق في ديترويت نموذجا ً

حينما تُغيّب المرأة في دولة ولاية الفقيه العراقية حفل إفطار قنصلية العراق في ديترويت نموذجا ً

يبدو أن مخطط تغيب المرأة العراقية عن دائرة الاحداث والاضواء يمضي قدما ً كلما تمكنت أحزاب الاسلام السياسي من ترسيخ أقدامها في المشهد العراقي العام بالترهيب والترغيب لا سيما تلك الاحزاب التي تأتمر بأوامر ولاية الفقيه التي تنتهج نهجا ً ثيوقراطيا تمتزج فيه المعايير الدينية في صياغة القرار السياسي ، فمنذ أن جاءت هذه الاحزاب لم تقدم ما يمكن أن ينهض بواقع المرأة العراقية التي ظلمتها حروب العهد البائد ودكتاتوريته وما ترتب عليها من تداعيات قاسية فضلا ً عن المعاناة التي واجهتها خلال فترة الحصار الاقتصادي ، والمرأة أثبتت عبر مختلف الحقب الزمنية أنها الرديف الفاعل للرجل في مختلف ميادين العمل والابداع ، وتنشئة الاجيال الصاعدة المسلحة بالعلم والمعرفة ، فهي الاخت والإبنة والزوجة والام وهي حاضرة  وأحيانا ً هي من تساهم في صناعة مفردات الحدث عبر مواقفها الشجاعة والموضوعية ،
 وهي المضحية في السراء والضراء ، وبنظرة سريعة لمسيرة المرأة العراقية  عبر عقود خلت يمكننا القول المرأة العراقية  قدمت الكثير من التضحيات وعانت ما عانته من اضطهاد وعنف بمختلف أنواعه وأشكاله ومن جميع الأطراف ، فالنساء في العراق تعرضن للكثير من الانتهاكات والمخاطر وهن يعيشن تحت تواطأ الفكر الذكوري وهيمنته على واقع المجتمع العراقي , حيث تعتبر النساء هن الضحية الأولى لانتهاكات حقوق الإنسان في العراق سواء من الأسرة أو الشارع  أو المؤسسات الحكومية أو المليشيات المسلحة بمختلف توجهاتها وتأثرها الكبير بالنزاعات الطائفية والسياسية وتدهور الوضع , حيث لعبت المرأة  العراقية دوراً هاماً في أوقات النزاعات المسلحة وتدهور الأوضاع الاجتماعية  ، بالرغم من الحصيلة المخضبة بالدم والعرق لم تستطع النخب الحاكمة في العراق من التوصل الى صياغة تشريعات تضمن حقوق المرأة بما يتناسب مع مكانتها الحيوية في المجتمع ، بل أن القانون الوحيد الذي كان مصدر إنصاف للمرأة الخاص بالاحوال الشخصية و المعمول به منذ 1959  إنتفت الحاجة إليه بالنسبة للأحزاب المسيطرة على المشهد التشريعي في العراق وأستبدل بقانون هش غير قادر على إستيعاب إحتياجات المرأة القانونية ،
 أسوق هذه الاسطر عن المرأة على خلفية ما جرى و أشيع من تسريبات وتم العمل بها فعليا ً يوم الاحد المنصرم الموافق السادس والعشرين من شهر حزيران يونيو والمصادف الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك ، حيث حاولت القنصلية العراقية العامة في ديترويت تكريس تقليد رمضاني منذ سنوات قليلة يتمثل في إقامة مأدبة أفطار على شرف القنصل العراقي العام في ديترويت وبمشاركة عدد من أبناء الجالية العراقية بمختلف تلاوينها ذلك لأن شهر رمضان يتعدى كونه ظاهرة دينية ترتبط بطقس ديني ما بل أنه ظاهرة لها أبعاد اجتماعية وهي فرصة لتعزير عرى التواصل بين أبناء الجالية وفعالياتها المختلفة ، فكما يزعم قادة العراق ويتبجحون في مختلف المناسبات محاولين إظهار أنفسهم بأنهم يمارسون الديمقراطية ويؤمنون بها وبدور المرأة الحيوي في المجتمع ، وقبيل حلول موعد الإفطار بدأت تتسرب أخبار من قبل المرتبطين بالقنصلية العراقية في ديترويت بأن حفل الإفطار مخصص للرجال فقط ، وبدأت الاتصالات الهاتفية تنهال على المدعوين بضرورة التقيد بهذه التعلميات وعدم إصطحاب النساء وكأننا في دولة المؤسسة الدينية التي تشكل مفردات الدين كما يحلو لها حينما تحاول ممارسة إلغاء وتهميش من هم يختلفون في الرؤى معها أو كأننا في  رواق عشائري القول الفصل فيه لزعيم العشيرة ورعيته  ، علما ً إننا نعيش في بلد مثل الولايات المتحدة الامريكية ومن المضحك والمبكي أن يتم تسويق مفاهيم من هذا القبيل تصب جلها في تهميش المرأة وتغييبها وإبعادها عن دائرة الحدث ، وهنا لابد من ذكر أن المرأة ليست بحاجة  لإستجداء صحن ( فتوش ، او حمص او دجاج ) 
لان مواشد رمضان عامرة والحمد لله ، ولكن هي قيمة إعتبارية تؤكد حضور المرأة العراقية الفاعل الى جانب أخيها الرجل ، وبالرغم عن كل ما يقال من محاولات تمكين المرأة من أخذها دورها والتصدي لمختلف المواقع القيادية والادارية إلا أن الواقع على الارض يشي بغير ذلك مع وجود أحزاب دينية تدور في فلك نظرية الولي الفقيه ، أو لنقل في نظرية المفهوم العشائري المحض نعم هذه هي النظرة السائدة للمرأة في عراق اليوم وفي المغترب  وأي حديث يندرج في محاولة تفنيد هذا الطرح عبر التبرير في مشاركة المرأة في العملية السياسية وإمتلاكها الكوتة البرلمانية ما هو الا ذر الرماد في العيون لأن المرأة العاملة في السياسة في عراق اليوم مجرد صوت يغرد مع  جوقة الكبار تغريدة النافذين وصناع القرار الحقيقيين فهنيئا ً لعراقنا بثلة حاكمة وأحزاب ونخب سلمت بأمر ضرورة تغييب المرأة ولعل هذه الفعالية البسيطة خير تجسيد وتعبير لمنهج تلك الاحزاب الفاسدة المتخلفة التي لم تجلب سوى الدمار لهذا البلد الذي عرف المدنية منذ فجر التاريخ وشهد إستيزار أول وزيرة في العصر الحديث ، 
وهي الوزيرة نزيهة الدليمي ، وأول قاضية ألا وهي القاضية زكية إسماعيل حقي ، بقي أن نذكر بأن حضور المرأة في العالم تخطى المراتب الوظيفية الرفيعة وبما إننا نعيش في الولايات المتحدة الامريكية ونحيا هذه الايام حمى الحملات الانتخابية بين المرشحين لمنصب الرئاسة الامريكية لابد من التذكير أن أحد المرشحين لنيل منصب رئيس الولايات المتحدة الامريكية هي إمرأة المرشحة والوزير ة السابقة لحقيبة الخارجية الامريكية والسيناتورة المعروفة وسيدة أمريكا الاولى سابقا ً هي هيلاري كلنتون وعلينا التذكير بعشرات الاسماء لنساء تميزن وعانقت سمعتهن المهنية عنان السماء كما هو الحال  مع أهم معمارية في التاريخ الحديث المرحومة زها حديد .

أحدث المقالات

أحدث المقالات