عُرف العرب بتفاخرهم بالأنساب، والشعر، وعندما بُعث النبي محمد(صلواته تعالى عليه وآله وسلم) بالأسلام، حارب هذين المفهومين، من حيثُ الإستعمال السيئ لهما، فجاء في القرآن(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13]) وبذلك قول النبي:” كلكم لآدم وآدم من تراب؛ وجاء في القرآن حول الشعر(وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ [يس : 69]).
بالرغم من كل هذا، بقيت العرب على عادتها في إنتهاج هذين المنهجين للتمييز العنصري بين الأجناس، ولذلك أفتخر العرب على أن نبي الأسلام من العرب، وهو ليس كذلك، ثم أفتخرت قبيلة(مضر) على سائر قبائل العرب، ثم قبيلة(كنانة) على بقية عشائر(مضر)، ثم قبيلة(قريش) على مختلف بطون(كنانة).
في صدر الإسلام، ظهر مصطلحين جديدين، أراد من خلالهما النبي، إذابه النزعة القبلية، وهما مصطلحي(المهاجرين والأنصار)، وقد نجح نجاحاً كبيراً في ذلك، ولكن ما إن مات أو قُتل إنقلبوا على أعقابهم، وعادوا إلى ما نهوا عنه فإفتخر المهاجرون على الأنصار بأن النبي منهم! وما لبث أن تصدرت قريش المشهد السياسي والديني!(وكأنك يأبو زيد ما غزيت)!
ظلت قريش تفتخر على سائر قبائل العرب، وكأن الأسلام إرثها الطبيعي! فوضعوا الأحاديث وبالأحرى حرَّفوها، منها حديث:” الخلفاء بعدي إثنى عشر كلهم من قريش”! حتى سقوط دولة الأمويين على أيدي القرشيين الأخرين(بنو العباس)!
لكنَّ بنو العباس لم ترق لهم حكاية(قريش)، فأرادوا أن يضيقوا الحلقة، فصار التخصيص بـ(بنو هاشم)! فوضعوا الأحاديث وحرَّفوا أُخرى، وبعد زوال حكم بني العباس تفتت قبيلة قريش، وضاع بنو أُمية وبنو العباس، وبقي حملة الدين من (آل علي بن أبي طالب)، ومن تبعهم من المخلصين، يحملون الإسلام الأول، ويحاولون أن يوصلوه إلى الناس كافة، لا لمصلحةٍ يبغونها وإنما يؤدون بذلك تكليفهم الشرعي، ويبرئون ذمتهم أمام المرسل والرسول.
إن ما إستثارني لكتابة هذا المقال، عبارةٌ قرئتها تقول:” الإمام موسى بن جعفر(ع) راهب بني هاشم”! أعتقد أن هذه العبارة عباسية صرفة، فما هو براهب بني هاشم من العباسيين الذين قتلوه! وإنما هو راهب المسلميين الحسينيين، وكفى.
بقي شئ…
كُن إبنَ مَنْ شئتَ وإكتسب أدبا…..يُغنيكَ محمودهُ عن النسبِ