الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فيها نفاق حتماً، بل إنها تبارك النفاق وتدعو إليه بإلحاح فتضطر أحيانا إن تضحك لمن لا ترتاح إليه أو لمن تعلم أنه خصمك ويصمم لإيذائك.
ويألف الناس التزييف فيصبح جزءاً مكملاً لشخصيتهم وطباعهم.
– مصلحتك تحتم عليك أن تضحك لأسخف نكتة يطلقها رجل لك معه مصلحة، وان تستظرف ثقلاء الدم لأغراض لك وغايات.
– عندما يصبح لرجل مركز اجتماعي أو رسمي أو سياسي فيتسابق الجميع لاكتشاف مواهب له، فهو مثقف، عميق، صادق الفراسة، لا تفوته صغيرة ولا كبيرة، ويرسخون هذه الصفات الحميدة والنعم السماوية عليه حتى يحمّلوه على تصديقها مع انه براء منها جميعاً… ولكن صدق أنت إن كنت قادراً على التصديق.
– نذهب إلى حفلة فنتعرف إلى مجموعة من الناس فتقوم بيننا علاقات وحديث شيق ونتبادل الابتسامات ثم تبدأ “صداقة” كما يقولون، وحتى نتفاهم ونصبح أصدقاء يجب أن يكون وقود تلك الصداقة هي النميمة وجمع الفضائح وتبادل المعلومات… وكاننا وحدنا قادرون على النيل من الناس وإنهم عاجزون عن أن يردّوا لنا “التحية”.
– وإذا قمنا بإحصاء، يتبين لنا ان تسعين بالمائة من وجوه حياتنا نفاق وتزيـيـف، كأن تعمل في دائرة تكره رئيسها أو كان تقترع لنائب في البرلمان وأنت مؤمن أنه فاشل بل “ملك الفشل” ولكن إرضاء لشيخ العشيرة أو بسبب صلة الرحم أو الصداقة… أو لضغوط وإغراء ، أو أن تسعى فتاة إلى إغراء شاب ليتزوجها مع علمها سلفاً إنها لن تكون سعيدة معه، إلا انه “لقطة” لا يجوز أن تفوتها، فهو غني وله مركز اجتماعي ولعن الله الوسامة والظرف والكرم، فهذه ليست من قواعد الزواج، ثم إن المرأة الذكية الباحثة عن “الستر” عليها أن تقدم تنازلات.
– والحياة الدبلوماسية حافلة أحيانا بأعلى مستوى من النفاق، يتصافح السفراء والدبلوماسيون ويتبادلون اللقاءات وحفلات التكريم إنقاذا للمظاهرـ فيما تكون أيديهم تحمل خناجر للذبح ، إلا إن المنطق الدبلوماسي الذي يفرض توطيد العلاقات العامة على حساب كل شيء.
وتتألم وأنت ترى ذلك إلا إن عنادك ينتهي وتتأكد انه في عالم المجانين، العاقل وحده يبدو مجنوناً وان صاحب المصلحة يصاب بعمى الالوان الوقتي وحسب الحاجة …