23 ديسمبر، 2024 8:56 م

من لم يعش في حيرة من أمره في هذه الايام السوداء وفي هذا البلد المسكين فهو حتماً قد ضل سواء السبيل , فمن ولد من اب وأم عراقيان وعلى أرض عراقية و تنعم بخيراته وعاش على أرضه ورضع حب العراق مع أول قطرة ماء قد أرتوى بها حتى وأن كانت مخلوطة مع الحليب الصناعي الذي شربه أغلبنا نتيجة الفقر والجوع والعازة التي بدورها أثرت على صحة أمهاتنا التي عجزت عن أشباع نفسها , فجف الحليب مبكراً في ثدياها , هذا الحب والولاء والأنتماء والعشق الازلي لأسم العراق وأرض العراق وأهل العراق قد أنساب في دمائنا وأصبح يشكل جزءاً كبيراً من شخصية العراقي أينما حل وأرتحل ,
هذا العراقي الذي يشعر بأنتماءه الكبير للعراق من دون معنى أسمه ودون عائلته ودون عشيرته ودون منطقته ومحافظته ودون مذهبه و دينه حتى , هذه المسميات التي فرضتها عليه الظروف التي ولد فيها , هو الذي يستحق أن يدعى بالعراقي الأصيل والوطني  يشعر بحيرة كبيرة هذه الأيام نتيجة تفاقم الاحداث وتصادم المصالح واعلان الحرب بين ابناء الوطن الواحد , فالمستقبل أصبح أسود تماماً نتيجة للأظطراب الذي تمر به البلاد ونتيجة الدماء التي سالت وستسيل , فلا يجد بصيصاً من الأمل ولا يجد مخرجاً من أزمة أشعلت البلاد وأشغلت العباد , ودمرت النفوس قبل البنيان , فتراه ينزف ألماً ويتلوى وجعاً ويلعن الظروف والمخططات التي يعرفها جيداً ويفهم أغلب اهدافها ويساشعر اخطارها التي قد بانت وظهرت على ارض الواقع , فالبلد يحترق لأجل الغير والعراقيون ينزلقون بمخطط خطير للقتال بالنيابة عن دولٍ مجاورة تافهة همها الوحيد مصالحها الشخصية و سلامة ابناءها وتوسيع رقعة نفوذها على حساب مجموعة من الساسة الاغبياء الذين يدعون الاستبسال للدفاع عن الوطن والعقيدة التي صورتها لهم تلك الدول الحاقدة على العراق والطامعة بخيراته ,
فتراه بين الفينة والأخرى يردد المثل العراقي المشهور ( حيرة والدرب ضيج ) وهو يصور لنفسه أن لا حل هناك وأن الأمل قد انقطع تماماً وهو لا يعلم بأن الأزمة التي وقعنا بها ليست سوى أزمة ناتجة عن أفكار هدامة و رؤى خبيثة قد دست بين ابناء المجتمع العراقي فتسببت بما نحن عليه الأن وأن ثورة فكرية وطنية مضادة خالصة مخلصة للعراق وأبنائه هدفها الأول والأخير خدمة الفرد العراقي ستقضي على تلك الأفكار وخصوصاً أذا ما أخذت هذه الثورة صداها الحقيقي بين أوساط المجتمع العراقي و أشاعة ثقافة حب العراق والولاء المطلق له و السلام والتسامح والعلم والتقدم والتسابق في شتى المجالات , ونبذ الافكار المتطرفة والعنف والأرهاب والدم , فبالفكر والثقافة وحدها سينتصر العراقي الوطني حتماً لا بالجلوس والصمت .