لم ينتخب الشعب حيدر العبادي رئيسا للوزراء و لكنه فوضه و بقوة لإنقاذ البلاد و انتشالها من دوامة الفوضى التي تعيشها من فساد و احتلال و محاصصة و تهجير و نزوح و كوليرا و اخرها مياه الامطار التي اغرقت منازل العراقيين و ما زاد العبادي قوة هو وقوف المرجعية الى جانبه لتعلن مباركتها لخطوات الاصلاح التي اعلن عنها في ورقته الامر الذي دفع البرلمان الذي لم يتفق اعضائه يوما الى القبول بالامر الواقع و اعلانه تفويض العبادي قائدا لمسيرة الاصلاح .
و رغم ذلك اخفق العبادي في انتهاز فرصتة التأريخية و اكتفى بإقالة فلان و احالة اخر الى التقاعد متجاهلا امرا في غاية الخطورة و هو ان الاصلاح الحقيقي لا يقبل التجزئة و المراوغة فأما اصلاحا شامل او فسادا مستمر فخطواته الاصلاحية الاخيرة لم ترضي الشعب الذي استمر في تظاهراته و يطالب بالمزيد من الاجراءات بحق المفسدين او حيتان الفساد كما اسماهم العبادي نفسه و كذلك كانت سببا في غضب شركائه السياسيين اللذين اعتبروه خارجا على الاتفاقات السياسية التي تشكلت على اساسها حكومته حتى وصل الامر الى سحب التفويض البرلماني منه و اجباره على ارسال قرارته الاصلاحية الى مجلس النواب ليطلع عليها اولا لغرض اقرارها و بالطبع لن يصادق مجلس النواب عليها ان كانت تمس مصالح الاحزاب و الكتل السياسية .
وكأن البرلمان اراد ان يقول لا اصلاح سيحدث في العراق يكفي ما تحقق .
ان قرار البرلمان بسحب التفويض من العبادي هو في الحقيقة فرصة تأريخية لا تعوض و لن تكلف العبادي شيئا ان اراد استغلالها بالشكل الصحيح فما عليه إلا الخروج في مؤتمرا صحفي ليعلن للشعب الذي فوضه و المرجعية قبله ان البرلمان يقف في طريق الاصلاح و يطلب تفويضا جديدا من الشعب لحل مجلس النواب العراقي و اللجوء الى الانتخابات المبكرة كخطوة اصلاحية كبرى و من المؤكد ان الشعب الغاضب من سلم الرواتب الذي يهاجم رواتبهم و يحمي رواتب البرلمانيين و الذي يعاني من مياه الامطار التي استطاعت الوصول الى منازلهم و لم تستطع الوصول الى قصور البرلمانيين سيخرج فورا مؤيدا لهذا القرار التأريخي اذا ما اعلن عنه العبادي فعلا .
حيدر العبادي البرلمان اطلق رصاصة الرحمة على حكومتك فردها ان استطعت.