23 ديسمبر، 2024 12:23 م

حيدر العبادي دخل في نفق المالكي ؟!!

حيدر العبادي دخل في نفق المالكي ؟!!

قيام اي حكومة يتبع معايير مهمة أهمها الكفاءة والاختصاص ، وهذا هو سر تقدم الشعوب وتحضرها ، خصوصاً اذا اعتمدت هذه الدول على الأشخاص ذوي الكفاءه في اشغال المناصب الحكومية بعيداً عن الانتماء الحزبي الذي يصح ان كان يعتمد المعيار الذي نتكلم عنه الان وهو الكفاءة .
بعد احداث عام ٢٠٠٣ تقدم العراق تقدماً جيداً من خلال بناء مشروع وطني ، والتأسيس لدستور صوّت عليه اغلب شرائح المجتمع العراقي ، ولكن بعد تسلم السيد المالكي للسلطة بدأت خطوات التقدم الديموقراطي يشوبها الكثير من التعرجات ، حتى وصفت في كثير من التقارير المحلية والدولية بأنها حكومة الأزمات والصراعات ، لانها خلقت مجتمعاً متخندقاً ، يعيش حالة الصراع الطائفي والقومي ، حتى وصل هذا الصراع الى قبة البرلمان في اكثر من مناسبة وفي اكثر من موقف  .
وبعد ثمان سنوات عجاف من الأزمات والصرعات انتهت بسقوط ثلاث مدن كبيرة بيد الارهاب ، واعلان الدولة الداعشية في العراق ، ليبدأ حكم الدولة داخل الدولة والتي ربما تسمى دولة ، لان معايير الدولة لا يمكن لها ان تنطبق على دولة اسمها “العراق ” ، لما فيها من انهيار كامل للمنظومة السياسية ، وللمنظومة الإدارية وشيوع ظاهرة الفساد الاداري والمالي والسياسي والامني وعلى كافة الصعد ، وانتهت حلقات مسلسل الفساد. بانهيار كامل للجيش العراق ، واكتشفنا اننا نعيش مع جيش فضائي تبخر في لمحة بصر عن الوجود .
وجاءت حكومة السيدالعبادي والتي تشكلت بعد مخاض وعملية قيصرية  صعبة ومعقدة كادت ان تطيح بالاغلبية ومشروعهم السياسي والذي يقاد بأهواء وأمزجة شخصية وحزبية عكست قصر نظر وجهل قادتها طيلة ثمان سنوات من القرارات الارتجالية ، والسريعة خلافاً للأعراف السائدة والدستور  الجديد .
ما قامت به حكومة العبادي في بداية حكمها كانت خطوات جيدة ومهمة ، وكانت تخضع لرقابة ومتابعة التحالف الوطني ، والذي  يفترض ان يكون السلطة العليا الذي تقود البلاد ، وتحكم سياساته الداخلية والخارجية ، والذي هو الاخر رُكن على جنب كما رُكن الدستور ولولا وقوف بعض الكتل بوجه الولاية الثلاثة لكنا نعيش اليوم تحت حكم ديكتاتور جديد يقود العراق الجديد .
حكومة السيدالعبادي تقوم بخطوات جيدة في البناء الفوقي للدولة ، وحضوره الفاعل في النشاطات العسكرية والسياسية وحتى الاجتماعية مؤشر جيد على نصج السياسين الشيعة ، والاستفادة من اخطاء الماضي ، والسير بخطوات ثابتة وواضحة نحو بناء دولة المؤسسات وفق قاعدة “الشخص المناسب في المكان المناسب ”
السيد العبادي استفاد من اخطاء رفيق ليعلن عن تشكيل حكومته سريعاً ، وتعيين وزراء آمنين للداخلية والدفاع والتي اعتبرت فاتحة خير لبناء الدولة العراقية الجديدة ، ولكن الملفت ان الهيئات المستقلة والتي يفترض ان تكون مستقلة ولا تخضع لأهواء الحكومة ،بل هي هيئات مستقلة تتصل بالبرلمان مباشرة ، وتكون مستقلة بعملها التنفيذي .
السيدالعبادي يبدو انه اعتمد منطق زميله في العمل على مبدأ الوكالة في إدارة الهيئات ، فبدا بامانة بغداد ، وتعيين امرأة في جهد وعمل يحتاج الى عمل ميداني وجهد استثنائي ، وإدارة تكون من البيئة ذاتها ، لتعرف خفايا الأمور في الأمانة ، دون ان تقضي شهوراً في التعرف على المديريات ومسؤولي هذه الدوائر وتعلم ومعرفة سير العمل في الأمانة ، وجاء بعد ذلك في ملف هيئة الحج والعمرة بتعيين شخصية مثيرة للجدل في الأوساط السياسية ، دون اعتماد معايير الكفاءة او ابقاء نفس الشخص الذي كان يقود الهيئة وهو الشيخ محمد تقي المولى كونه يعلم كيفية إدارة الهيئة ، ويكون من داخل الهيئة نفسها مادامت تقاد بالوكالة .
هذا الأسلوب في إدارة الدولة وخصوصا الهيئات يبتعد كثيراً عن الخطوات الجيدة التي بدأها السيد إلعبادي في تشكيل حكومته ، كما انه ابتعاد واضح عن آلية اختبار وتعيين والتي يفترض ان تخضع للدستور وموافقة مجلس النواب ، وهذا بحد ذاته خرقاً دستورياً ، وخروجاً عن الاتفاقات والتوافقات بين الكتل السياسية في داخل التحالف الوطني .
هذه الخطوات لا تجّسر العلاقة بين مكونات التحالف الوطني ، ولا تقوي العلاقة بين جميع الأطراف ، وتزعزع الثقة بينهم وهذا بحد ذاته يزرع الفرقة والتخاصم بين مكوناته ، بالتالي نعيش نفس فصول الحكومة السابقة والتي لم تخلف سوى الارهاب والخراب .