لو نظرنا إلى الإجراءات التي يتخذها حيدر العبادي سنجد أنها ليست إلا مجموعة من الإصلاحات في مؤسسات الدولة تعالج بعض قضايا الفساد التي خلفها سلفه المالكي وهي لا تعالج مشكلة العراق الحالية وصراعه مع الإرهاب وكارثة الموت والدمار الذي يشهده, ولازالت انتهاكات حقوق الإنسان تمارس بأبشع صورها من قبل المليشيات ولم يتقدم خطوة من الحد من التدخلات الخارجية بل هي عين السياسة التي يعتمدها سياسيو العراق منذ الاحتلال ولحد الآن ,فقدم وضعها مع أميركا التي لا تريد ولا تسعى لهزيمة داعش طالما كان هنالك تواجد لإيران وللمليشيات التابعة لها , فأمريكا لا يمكن أن تقدم انتصارا مجانيا للإيرانيين على داعش في الأرض بينما تبقى هي تحلق بالأجواء . فهي تنتظر أن يقلم حيدر العبادي الأظافر او المخالب الإيرانية في العراق تدريجيا.
وقدم أخرى وضعها العبادي مع إيران التي لم تكن غائبة عنها مئارب أمريكا حيث سارعت وبقوة لزج البسيج الثوري الإيراني داخل العراق من خلال فتح المعابر الحدودية لزيارة الأربعين .
فهل سيتجه رئيس الوزراء الى ردع النفوذ الإيراني المتنامي في العراق لإرضاء الجانب الأميركي ؟ في الواقع إن كل المليشيات التي تقاتل بجانب الحكومة تمول من قبل إيران وتأتمر بأوامرها. وان ردع النفوذ الإيراني لا يتم إلا بإعلان الحرب على تلك المليشيات وهذا ليس بالأمر اليسير وخصوصا أن تلك المليشيات لديها وزراء في الحكومة وبرلمانيين فهو أشبه بما يكون انقلابا حقيقيا ليس بمقدور العبادي القيام به بالإضافة إلى التشكيك في جدية الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب. فأمريكا التي ترفض زيادة عدد الضربات الجوية على داعش تحذر في الوقت نفسه من احتمال وصول داعش إلى محيط بغداد. وعلى هذا فسياسة رئيس الوزراء الحالي تقوم على أن يبقي قدميه على كلا الجانبين فعسى أن يندحر داعش على يد المليشيات والإيرانيين فيعيد العلاقات بقوة مع إيران أو أن تقدم الولايات المتحدة دعما للجيش والصحوات وتزيد من ضرباتها ويستطيع العبادي من خلال ذلك التخلص من المليشيات شيئا فشيئا, لكن الواقع الذي نشهده الآن ينذر بحالة كارثية فالمليشيات في تزايد بعد دخول الحرس الثوري الإيراني والنفوذ الإيراني تشتد شوكته ومن المؤكد إن ذلك سيؤدي الى تصعيد طائفي تسعى إليه إيران لغرض هدم اي مشروع للمصالحة وللإبقاء على تواجدها ونفوذها في العراق مما ينذر بحصول أحداث كبيرة وفيما تقترب داعش من بغداد تسعى أمريكا من خلال ذلك بالضغط على الحكومة لإقامة مصالحة سياسية وليست وطنية حقيقة فهي تعول على الصحوات وإنشاء الأقاليم الطائفية وما يسمى بالحرس الوطني لغرض تمرير مشاريعها.
.
ان هذا ما يفسر لنا عدم قدرة العبادي في إقامة مصالحة حقيقية فهو أسير سياستين لا تريدان إقامة مشروع حقيقي للمصالحة ,
ان الفرصة الوحيدة إمام حيدر العبادي هو الأخذ بنصيحة المرجعية العراقية العربية المتمثلة بمرجعية الصرخي في إقامة مصالحة حقيقية مع العشائر العربية التي ثارت بوجه الحكومة إبان
ولاية المالكي فهي الوحيدة التي تستطيع ردع داعش وبذلك يرتفع المبرر لوجود الميلشيا الإيرانية والوجود الأميركي . وان جزء من مكافحة الفساد الذي خلفه المالكي هو مد اليد للعشائر والمرجعيات العربية رغم إن ذلك قد يغضب الجهات الدينية التي أفتت بقتل المراجع العرب وأفتت بالجهاد على عشائر المنطقة الغربية , لكن هذا هو الواقع وأخطاء المالكي والكوارث التي تسبب بها هو ومن شاركه جرائمه لا يمكن ان تطمر. أما التعويل على الحلول الخارجية والزيارات المكوكية فاعتقد انها سياسة ثبت فشلها طوال عشر سنوات. ان مشكلة العراق هي التطرف والطائفية ,والدعوات التي أطلقها السيد الصرخي لوئد الفتنة وإحلال التعايش السلمي بدءا من إصلاح الدستور وإقامة مصالحة حقيقية وإطلاق سراح السجناء الأبرياء تمثل باب للخلاص حيث تنطلق هذه الدعوات من اسس علمية وأخلاقية شرعية بعيدة عن التطرف والمذهبية . وهي تحظى بتأييد الكثير من قادة الحراك الشعبي من شيوخ عشائر وأساتذة ومثقفين .