23 ديسمبر، 2024 3:08 ص

حيدر العبادي؛سياسة الهدوء المنتج ..!

حيدر العبادي؛سياسة الهدوء المنتج ..!

يمكن توصيف سياسية الدكتور حيدر العبادي ب( الهدوء المنتج )، الذي تلخص تجربة شجاعة في تحمل مسؤولية قيادة العراق في واحدة من أشد المراحل التاريخية في خطورتها وتعقيداتها، وبروح صبورة وعقل هادئ غير موتور كان يمتص الصدمات، ويعيد رسم سياسة الحكومة وإجراءاتها بمايخفض من حجم الأزمات والتهديدات والتحديات، وسط اعتراضات غير محدودة ومحاولات تسقيط وافشال مهامه، تبدت بوضوح تام من قبل الأحزاب وممثليها في البرلمان العراقي أو الإعلام ومرجعياته المتنافرة مع سياسة العبادي .

بدأ السيد العبادي منفردا في احتواء الخلافات والنقد والإبتزاز السياسي، وإعادته بصيغة سؤال ما العمل ..؟ ثم يخطو بأتجاه العمل مع فريق وزاري لم يختاره بملئ قناعته ، لكنه اختار فريقه العسكري بالتوافق مع رص القدرات وتحشيد جميع الجهود والإمكانات بإتجاه المعركة ، وكانت رهانه الناجح، والسلم الذي أرتقى به بعد ثلاث سنوات من العمل والجهد والحضور الميداني والحوار الواقعي مع ادواته في المعركة ، واشتباك اقليمي ودولي يستدعي جهدا غير مسبوق من أجل تحقيق أهداف المعركة وظروفها وجعلها عراقية بإمتياز، وبصوت مبهر أحال هزيمة داعش الى نصر مؤزر بكبرياء الروح العراقية التي أعادة ثقتها بنفسها وتاريخها ومستقبلها أيضا ً.

نجح في إدارة علاقات دولية على نحو مثمر، وعدو الأمس ( السعودية ) تتحول الى صديق ينفتح بقدراته المالية والتجارية للعراق وكذلك بقية دول الجوار العراقي، نعم سياسة الحوار السلمي الهادئ والتذكير الدائم بالمصالح المشتركة مع الآخر، كانت ديدنه، ولعمري فأنها جوهر الصواب بمفاهيم السياسية الدولية .
داخليا لم ينتبذ منطق التوتر والتهديد والوعيد أزاء المشكلات الداخلية، إنما يدعو لتحكيم الدستور والقانون والمنطق والعقل والمصلحة لجميع العراقيين بلا استثناء، وهذا مايحدث بموضوع اقليم كردستان والإستفتاء المزمع .

السيد العبادي يؤمن بأن المسافات الطويلة تبدأ بخطوة واحدة وسلامة الرؤية ومنطق العدالة والمصالح العليا للبلاد، لم يعط الكثير من الوعود سوى في موضوع تحرير الوطن من داعش وجرائمها، وكذلك في مكافحة الفساد واجراء اصلاحات تعيد العراق لوضعه الطبيعي، الرئيس أنجز وعده في الأولى وتحررت البلاد من داعش، والآن الشعب ينتظر وعوده بالإصلاح ومحاربة الفساد، لأنه جريمة لاتقل بأضرارها ونتائجها عن جرائم داعش .

قسونا كثيرا على الدكتور حيدر العبادي بنقدنا في أوقات سابقة، وبعد ثلاث سنوات معركة متواصلة ومفتوحة على جبهات عدة، منظورة وخفية ، وهي سنوات حكومته للعراق ، وجدت من المناسب بذكري تسنمه رئاسة الوزراء الثالثة أن ننصف الرجل بكلمة حق، ونعترف له بنجاح غير مسبوق وفي ظرف لم يشهد مثله العراق .