17 نوفمبر، 2024 5:37 م
Search
Close this search box.

حياة الفهد من البداية الى” النهاية” !

حياة الفهد من البداية الى” النهاية” !

الحجر الصحي،فتح أمامنا شاشات افلام ومسلسلات ما كانت في القائمة المفضلة لولا كورونا.
وحصل ان حزمة من افلام السينما الاسرائيلية، المنتجة في الولايات المتحدة وخارجها، وجدت طريقها للمشاهد بحكم الإعلانات المتواترة حولها. ولانها تحمل عناوين جذابة.
ولعل الجامع المشترك لغالبية هذه الأفلام، انها تقدم الرواية الإسرائيلية حصرا للأحداث ولا تفتح ولو كوة صغيرة للرواية الاخرى؛؛
وتحديدا الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الذي يظهر العربي ارهابيا خالصا والإسرائيلي ضحية طاهرة، والوقائع التاريخية المثبتة بالوثائق مجرد وجهة نظر!
وحتى الأحداث التي لم يمضي عليها زمن طويل، ورصدتها عدسات الكاميرات ، مثل العملية الارهابية في ميونخ الألمانية يوم الخامس من سبتمبر عام 1972 اثناء دورة الألعاب الأولمبية؛ فان الرواية الاسرائيلة لفلم بنفس الاسم( ميونخ) يسرف في اضفاء الخيال على حادث تناولته الصحافة المرئية والمقرؤة والمسموعة من أقصى الارض الى اقصاها.
ويظهر البطل الاسرائيلي في معظم الأفلام خارقا لناحية الشجاعة والإقدام ولناحية تمسكه بالفضيلة والعدل، فيما الفلسطيني قاتل ارهابي مجرد من كل القيم.
فلم ميونيخ، النموذج الاكثر سطوعا على البطولات الخارقة للموساد وكذلك المسلسل الطويل ( فوضى) ويشترك مع (ميونيخ) في ان البطل وعلى طريقة افلام بوليود الهندية لن يموت حتى لو ضربته قنبلة نووية!!
الملفت ان السينما ، المتعصبة للرواية الاسرائيلية؛ لا تتهم بالعداء للسامية حين تظهر العرب، وهم ساميون، على انهم قتلة وقتلة فقط.
في نفس الوقت، تنفجر اسرائيل الرسمية غضبا، اذا ماظهر نتاج فني، أيا كانت جنسيته يتعرض للاعتداءات والحروب الاسرائيلية على العرب.
ويعكس احتجاج الخارجية الاسرائيلية لدى القاهرة بسبب عبارة قيلت في مسلسل( النهاية ) المصري؛ المعايير المزدوجة للمؤسسة الاسرائيلية بكل تجلياتها السياسية والثقافية والاجتماعية والفنية.
على المقلب الاخر، ترحب اسرائيل ، بمسلسل ( ام هارون) الخليجي، بطولة الممثلة الكويتية الشهيرة حياة الفهد
الذي يؤرخ للكويت ما قبل قيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين، ويصور حياة الأسر اليهودية القليلة التي تعايشت في الكويت مع بقية ابناء الإمارة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.

يذكر ان الأخوين صالح وداود الكويتي، وهما من أسرة يهودية نزحت الى الكويت من العراق، يعتبران أبوي الطرب الكويتي والخليجي.
ومعروف ان ليهود العراق، إسهامات في الحياة الثقافية والفنية والاجتماعية، عدا عن السياسية؛ تركت بصمات واضحة ما تزال في ذاكرة من تبقي على قيد الحياة وادرك ولو في الطفولة تلك السنوات.

ولعل الممثلة الكويتية، حياة الفهد،تشعر بالحنين لتلك الأيام حين اختارت القيام ببطولة (ام هارون) المسلسل الخليجي المثير للجدل وتعرض حلقاته مع بدء شهر رمضان.
اثار المسلسل جدلا واسعا على مواقع التواصل، وقوبل بالاستنكار والشجب من قبل فصائل فلسطينية؛ اعتبرته جزءا من مسلسل التطبيع مع اسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية والغدر بشعبها.
ومع ان المسلسل في حلقاته الاولى، الا ان خصوم واعداء التطبيع مع اسرائيل، صنفوه على انه فعل سياسي ولم يوفروا في الشجب مفردة الا وقالوها بحق ممولي ومنتجي المسلسل وفريق التمثيل.
ومع ذلك تستمر القناة التلفزيونية صاحبة المسلسل بعرضه، ولم يكترث القائمون عليه لنبال النقد وسهام التجريح.
الغريب، ان اسرائيل التي تتفاخر بانها الديمقراطية الوحيدة والمتفردة في المنطقة، ضاق صدر خارجيتها لعبارة يتيمة في مسلسل( النهاية) المصري الذي يقول المؤلف عمرو سمير عاطف انه ليس عملا سياسيا، وإنما خيال
علمي”،
ويضيف عاطف ” كون ان هناك مشهدا يحث على تحرير القدس فهو امر يتمناه كل عربي”.
تعارض اسرائيل التمنيات، لكنها تتبنى كل النظريات العنصرية، والفرضيات اللاهوتية المؤسسة لدولة اسرائيل، القائمة بالأساس، وفق راي غالبية المؤرخين ، بمن فيهم اسرائيليون على الخرافة الدينية.
ينعكس البعد اللاهوتي الخرافي في معظم صناعة السينما الاسرائيلية في ستوديوهات هوليود. ويتم تزييف الوقائع وتزوير التاريخ، وأحلال الخيال على احداث وقعت بالامس القريب، مثل عملية المنظمة الارهابية “ايلول الأسود” في ميونيخ ضد الفريق الرياضي الاسرائيلي ومصرع الخاطفين والمخطوفين في احد ابشع العمليات.
وفِي الفلم الروائي المكرس للحادث، تبقى الاسماء التاريخية نفسها، لكن المؤلف والمنتج والمخرج، يسمحون لأنفسهم بتجاوز والوقائع التاريخية التي ماتزال طرية في الذاكرة، وتصوير العربي على انه ليس اكثر من قاتل بلا قلب، يواجه ملائكة رحماء من اسرائيل التي تركز على مقولة الحق التاريخي في ارض فلسطين ونفي او استعباد شعبها.
يتذكر اصحاب( ام هارون) اليهود الذين عاشوا قرونا بين ظهراني العرب، بالخير والمحبة، والتبشير بالأخوة ؛ فيما تهيمن العنجهية والعنصرية على النتاج السينمائي وغالبية الابداع الأدبي الإسرائيلي؛ المسكون بهاجس التفوق العرقي الأقرب الى النازية.

أحدث المقالات