18 ديسمبر، 2024 7:35 م

ارسل لي بعض الاخوة على الخاص يتساءلون
لماذا لم تعلق على وفاة الشاعر امس ، قلت ليس من عادتي ان اتابع “في الكتابة” امرا كهذا فامور اخرى اهم ، وحتى الشعراء انا اكتب في نتاجهم وانقد اعمالهم الادبية ، فاذا ماتوا فالله سبحانه وتعالى هو من يتولى أعمالهم جميعا ولاشان لنا ،
وكوني سئلت عن رايي فاقول مفصلا :
مظفر النواب مات على الالحاد كما يظهر فان كان مات على الاسلام فرحمة الله عليه ويغفر الله له. اما طائفيته فعليه ، اما عراقيته فلا تحط منها أصوله الهندية القديمة شيئا “فكلنا لآدم ولافرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى” وهو عراقي دون شك.
اما شاعريته فمظفر شاعر عامية كبير بل من اكبر شعراء العامية العراقيين لأجيال ويكاد ينافس زامل سعيد فتاح الا قليلا، ولايشك بقدرته الشعرية في العامية الا جاهل في الشعر او مبغض او من لايفهم في العامية العراقية وصورها ورموزها وكناياتها واستعاراتها وعمقها وحزنها ورسالتها واطوارها واصالتها واسرار تشبيهاتها وفلوكلورها وشعرائها.
اما في الفصحى فهو ليس بشاعر ، ولايعد مع الشعراء عند المقايسة النقدية والتحكيم ،وانما كانت لديه محاولات فاشلة مثل كثير من شعراء الحداثة اليوم او حتى شعراء التفعيلة غير الموفقين، وهو يعي ذلك ولكنه لجا الى الفصحى لانه عاش بين العرب -منفيا- واراد ان يوصل صوته وذاك عصي على اللهجة المحلية ان تؤديه. حتى انني اردت يوما ان اتناول احد نصوصه “الفصيحة” في سلسلتي النقدية (نقد النصوص الهزيلة) فلم استطع لأني لم اجد له نصا يرقى الى الهزالة لأدرسه فكلها دون ذلك، وانما غطت على ذلك شهرته الكبيرة في العامية فصار كل مايقوله مقبولا دون تمحيص ، وهذا يحصل مع غيره في جوانب عديدة من الحياة فالشهرة والقبول رزق ايضا، وكذلك بسبب توجهه السياسي وحاجة البيئة العربية لشعراء على نهج الشاعر الفريد احمد مطر ،
اما تشييعه الفخم فأجده صحيحا وصحيا ايضا ، فالعرب كان اذا ولد لهم شاعر اقاموا الولائم واذا توفي حزنوا وحدوا عليه شهورا ، وهو شاعر معدود ومؤثر ويستحق ،والامة التي لاتقدر ادباءها وشعراءها وعلماءها وفنانيها ليست حية ولاتتقدم .
وقد اسعدني هذا التشييع الشعبي الكبير والرسمي ايضا ، و ان كان المهرج الأخرس اراده ليغطي عيوبه في ادارة الدولة وضعفه وفشله .
وحفظ الله علماءنا العاملين وادباءنا المرشدين وشعراءنا وفنانينا الملتزمين