23 ديسمبر، 2024 6:10 ص

حول الانهيار الأمني في البصرة

حول الانهيار الأمني في البصرة

– على الرغم من وداعة و طيب اهل البصرة الأصلاء المعروفة لدى مختلف سكان العراق الا ان محافظتهم تعاني اشر حالات الانهيار الامني و افظعها ليس في القديم و انما في واقعها الاجتماعي الراهن . قد بات متداولاً خاصتاً غلى السنة سكانها بأن البصرة غدت تعيش عالم الغابة تعيش فيها الوحوش الكاسرة و ان الحق فيها دائماً للقوي المتغلب ، و من لم يستطع حماية حقه ، مالاً و كرامةً و دماً فهو محتوف و مهدور الحرمات .
2- عند المتابعة الفاحصة لجذور التداعي الامني هذا سوف يفاجأ حينما يجدها قد بنيت في عمق التخاذل و التلكؤ الاداري في مؤسسات الحكومة المحلية للبصرة . و احياناً كثيرة يجدها مرعية في كل الطبقات من الفساد الاداري المتخللة في البيئة الحاكمة في البصرة و كأنها تحافظ على بقاءه و تنميته في الحياة الاجتماعية البصرية ، في حال ان المسؤولين الحكوميين بصورة عامة .
3- و نحن هنا نشير الى احد ابسط مظاهر هذا الانهيار الامني للحديث هنا حول ظاهرة التجاوز على اراضي الخاصة المملوكة لأهالي البصرة المسالمين و ذو طابو عقاري صرف ، سواء كانت مسيجة ام غير مسيجة و هو امر مختلف عن ظاهرة الحواسم المستشرية في ارجاء العراق بسبب قلة تخصيصات الدولة العراقية لمسألة سكن المواطن .
4- ان اية ارض ملك صرف للمواطن في محافظة البصرة هي في معرض التجاوز من قبل كل معتد اثيم لا يتورع عن نهب اموال الاخرين لاسيما اذ حصل لهذا المعتدي من يسنده من داخل الادارة المحلية لسبب من الاسباب محسوبية او رشوة ، او لغيرهما من الامور ، و لا يشفع لمالك العقار كل وثائقه و مستنداته الرسمية المسجلة مادام لا يمتلك القوة على التغلب على المعتدي ، اما اذا كان هذا الانسان طيب و يحرص على سلم المجتمع فهو سيضحى صيداً سهلاً لهذا الاعتداء الذي لا يغفر له .
5- و اذا فكرت في ازاحة المعتدي عن تسلطه على عقارك عن طريق اللجوء الى المحاكم القانونية و اجهزة الشرطة الرسمية ، فأنك حتماً سوف تندم على سلوك هذا الطريق الذي سيحول اللص المحتل الى خصم متقابل او تتنازل عما هو حقك تنازلاً كلياً او جزئياً و تتصالح معه و ستكون بذلك انت من قام بتلكؤ عمل الدوائر الرسمية الادارية و الحقوقية و الامنية ، اما اذا فكرت بالاتجاء الى محامي فذلك استنزاف المال و الوقت الذي لا ينتهي !!!
6- هذا واقع حال بالنسبة لما هو اخف انواع الانهيارات التي يشهدها مجتمع البصرة و مثالاً لذلك بما تعرض له عالم البصرة الذي يعد من زعماء الحوزة العلمية العراقية و من رواد الفكر و الثقافة العلامة الحجة المجاهد اية الله الشيخ عبد الرضا الجزائري في هذا الخصوص ، حيث انه كان يمتلك منذ 1978 عقاراً في منطقة الطويسة في البصرة الا انه لم يتمكن من بناءها لأجل أن يسكن و عائلته و قد كانت مسيجة و عند مجيئه لتفقدها فوجئ بهدم جزأً رئيسياً من حائط الارض و وضع كرفاناً تابعاً لمحافظة البصرة في ثلث من ارضه ، و ايضاً وجود عائلة تسكن فيها بصورة متجاوزة .و هو لحد الان لم يتمكن من اخراجهم بكل الوسائل القانونية لا بواسطة الشرطة و لا المحكمة و لا البلدية و الحادث لا زال قائماً منذ ثلاثة اشهر تقريباً و لحد الان .
7- ان عمق المأساة الامنية التي تعيشها البصرة اليوم تتوضح اكثر من خلال المثال السابق بشيئ من التشريح . اذ كان الشيخ عبد الرضا الجزائري الذي اعتقل من قبل النظام السابق عام 1974 مع الشيخ عارف البصري و الشهيد السيد عزالدين البصري و السيد عماد الطباطبائي و امثالهم من البررة ،و كان الشيخ الجزائري تلميذاً من تلامذة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رض) و صديقاً له و حتى اصبح ممثلاً عاماً له في البصرة و كان استاذاً لكثير من اساتذة البحث العالي في الحوزة العلمية من مجتهدين اليوم و كان من قيادات حزب الدعوة الاسلامية في الستينات و بداية السبعينات و مسؤولاً عن الكثير من القيادات ابان الثمانينات و صديقاً و مربياً لكثير من وزراء و اعضاء مجلس النواب و المسؤولين في الدولة العراقية بعد 2003 .
الشيخ الجزائري الذي لم يستثمر اي من علاقاته لصالحه الشخصي يكون اليوم نموذجاً من نماذج المواطنين الذين يعانون من تلكؤ و فسادمسؤولين الدولة العراقية التي ترفع اسمى الشعارات للوصول الى اهدافها الدنيوية الفانية .