23 ديسمبر، 2024 9:07 ص

حول استحضار متطلبات النهوض المعاصر وصنع الحاضر

حول استحضار متطلبات النهوض المعاصر وصنع الحاضر

لاشك أن الحضارة العربية الإسلامية، قدمت للإنسانية، إبان عصور ازدهارها، الكثير من الإنجازات في كل مجالات المعرفة. فكانت بتلك الإنجازات الكبيرة، قد وضعت الأساس، للنهوض الحضاري الإنساني المعاصر، واوقدت مشاعل التنوير في العالم المعاصر، بارهاصات تأثيراتها الإيجابية.

وعندما غابت الأمة عن ساحة العطاء والإبداع بتأثير تداعيات الانحطاط الحضاري اللاحق، تليف العقل العربي المسلم ،وتوقف عن العطاء، وعجز عن مسايرة التمدن، وصناعة التقدم على قاعدة( وقل رب زدني علما )، حتى حاصرته مخرجات الحداثة المعولمة الراهنة بتسارع تواليها المدهش ، بما تمتلكه من عناصر التأثير، في فضاء عصري مفتوح في كل الاتجاهات،وعندها ركن المسلم المعاصر، بتداعيات تلك الظروف، إلى الدعة، والاقتيات على ذاكرة الماضي ، وراح الكثير من أبناء الأمة يتغنون بامجاد، وابداعات الماضي، على نحو فارغ، ودون مساهمة تذكر في صنع الحاضر بالصورة البهية المطلوبة، التي تستكمل إشراقة الماضي المتألق ، وتتواصل مع عراقة وهجه بجدارة .

ولأن البلدان العربية والإسلامية في مسيرة نهوضها المعاصر، لا تزال متلقية للعلوم، والتقنيات، ومستلزمات التطور ، حيث يتسم الحال الراهن لها – كما معروف – بالتخلف ، والاعتماد على الخارج حتى في رغيف الخبز، والدواء، في الوقت الذي تتسارع فيه إيقاعات التطور في البلدان الصناعية بوتائر متصاعدة، مما فاقم فجوة التطور في كل المجالات، بشكل لافت للنظر، فإنه لم يعد ممكنا اليوم، النهوض بمجرد التغني بالامجاد، والاقتيات على مجرد ما ابدعته الحضارة الإسلامية في ماضيها المشرق، وحسب.

لذلك، وفي الوقت الذي يتطلب فيه الأمر التواصل بإجلال مع ما ابدعه الأسلاف من إنجازات ،فإنه لابد من الحرص، في الوقت نفسه ، على السعي الجاد، والعزم المتواصل، على غذ السير نحو تحقيق التقدم اللائق بمكانة الأمة، بصيغة الخطوة إلى الأمام ، على قاعدة( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )، وذلك من خلال تنشيط حس المساهمة الإبداعية في تحقيق منجزات علمية، ومعرفية، وتقنية، ترفد واقع الحال العربي الراهن، بمقومات النهوض، بردم فجوة التخلف ، واللحاق الجاد، بركب الحضارة المعاصرة دون تباطؤ .

ولاضير عندئذ من التواصل مع الموروث الحضاري، والاستلهام الحي له، عند الشروع بمعالجة إشكالات الحاضر، والتفاعل الإيجابي، في ذات الوقت، مع المعطيات الإيجابية للعصرنة من دون تردد ، وإهمال ما هو سلبي، وضار منها ، وذلك من خلال الشروع في عملية تنمية شاملة، تأخذ كل أبعاد المشكلة بنظر الاعتبار، حيث ليس من الصواب الاكتفاء بمعالجة بُعْدٍ واحد منها فقط،وبعكسه فإن البقاء على الحال مأزوما، ومنهكا حضاريا، يعني تفاقم التخلف، واتساع هوة التأخر التي يفترض ردمها، وتجاوزها على عجل.