23 ديسمبر، 2024 3:04 م

حواس الزهيري/61

حواس الزهيري/61

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
إستشهد حواس حلو الزهيري، وهو يدافع.. مع مجموعة من رفاقه.. عن أكواخ الفقراء.. الكادحين، خلف السدة الشرقية، ضد البعثية، الذين شاؤوا معاقبتهم؛ لأنهم رجموا الإنقلابيين بالحجارة؛ دفاعا عن الزعيم عبد الكريم قاسم، ليلة الجمعة 8 شباط 1963.
والشهيد الزهيري، عامل صياغة، من الصابئة المندائيين، ولد مطلع الثلاثينيات، في ناحية “المشرح” التابعة لـ “العمارة” مؤمن بالخروج من إطار الإنتماء الفئوي.. دينيا او قوميا، ليتحرر من العقدة الأثنية، لصالح بناء شخصية كونية، برغم محدودية تعليمه المنهجي، الذي تخطاه.. تعويضا بالتثقيف الذاتي.
متزوج ولم يخلف ابناً من صلبه، لكنه يحنو على الأطفال بمحبة غامرة.. سواء أعندما كان في محافظته.. ميسان، أم عندما إنتقل للإقامة في العاصمة بغداد، ضمن أفواج المهاجرين الذين ضيق عليهم الجنوب.. جائعين؛ فسعوا في أرض الله الواسعة؛ بحثا عن لقمة تقوت عوائلهم.
“ما مر عام والعراق ليس فيه جوع”.
إنتظم في صفوف حزب وطني، آمن بمبادئه، مخلصا لها، من خلال مواقف بطولية مشهودة، إشتهر بها شعبيا، آخرها تصديه بشجاعة فائقة، لإنقلابيي شباط الفاشي.
لم يضفر به مجرمو 8 شباط 1963، إنما هو الذي عاد يجابههم، في اليوم التالي؛ حين أدرك أن البعثية المجرمين، عازمون على عدم إضاعة الوقت، في التنكيل بالشعب العراقي عموما.. والفقراء منهم خصوصا؛ عقابا؛ بإعتبار قاسم “زعيم الفقراء” الذين لم يدخروا وسعا في الدفاع عنه، وهو يعتصم داخل وزارة الدفاع، في اللحظات الأخيرة، من المواجهة،…
وحين توجهت قواتهم لتجريف بيوت الفقراء الذين ذادوا عن قاسم، تصدى لهم الزهيري وجَمعٌ من رفاقه، حتى إستشهدوا ومرت آليات البعثية على جثثهم؛ تهرسها؛ متجهة لهدم الصرائف، وما زالت تواصل هدم العراق حتى هذه اللحظة.. والى الأبد.