بين لحظة وأخرى تتوارد الاخبار عن جعجعة السلاح بين الولايات المتحدة الأميركية وورسيا الاتحادية تحت عناوين بارزة لنصف طن من الوثائق اعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي حول النفوذ النووي الإيراني في الشرق الأوسط ، ولتدارك ما يمكن تداركه في الواقع العراقي وهو يتقدم لخوض انتخابات برلمانية ، جاء صوت المرجعية هادرا محذرا من الأخطر والأكثر سوءا ، حيث يطرح السؤال اين تقف التحالفات الانتخابية من جعجعة السلاح سواء اكان بضربات الطائرات الامريكية لمواقع إيرانية في الأراضي السورية او التهديدات الاوربية – الأميركية بأهمية مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة ؟؟
في التحليل الإجمالي لبيان (جمعة الوضوح) فان المرجعية الدينية العليا تقف موقفها المعلن مما يمكن ان اطلق عليه وصف (حواسم الانتخابات) وتلعن الموت السريري للعملية السياسية بقيادة الإسلام السياسي وتدعو الناخبين للتفكر والتمعن في اختيار الاصلح والاكفأ لمواجهة المقبل الأسوأ والأكثر خطورة ، وقولها بالنص (عدم السماح لأي شخص او جهة باستغلال عنوان المرجعية الدينية أو أيّ عنوان آخر يحظى بمكانة خاصة في نفوس العراقيين للحصول على مكاسب انتخابية، فالعبرة كل العبرة بالكفاءة والنزاهة، والالتزام بالقيم والمبادئ، والابتعاد عن الاجندات الاجنبية، واحترام سلطة القانون، والاستعداد للتضحية في سبيل انقاذ الوطن وخدمة المواطنين، والقدرة على تنفيذ برنامج واقعي لحلّ الأزمات والمشاكل المتفاقمة منذ سنوات طوال) .
واقع الحال ان أي حديث عن موقف واحد موحد يَعرف مضمون كلمة المواطنة في العقد الاجتماعي الدستوري، ما زال مغيبا عن واقع العراق الجديد الذي تحول بفعل السياسات الامريكية وموافقة الإسلام السياسي بشتى انواعه وتصنيفاته على نموذج من ( اللبننة) بمعنى تحويل ارض العراق وامواله لنصرة هذا الطرف ضد الاخر والحرب بالوكالة على الأراضي العراقية فيما لا تواجه إيران او السعودية او تركيا او قطر أي نموذج من الحرب المباشرة على أراضيها !!
يطرح السؤال مجددا، من المستفيد من هذه الحرب بالوكالة على الأرض العراقية ؟؟
الجواب الحتمي هو الإسلام السياسي واحزابه التي ترى في هذه الحروب بالوكالة تنفيذا لأجنداتها الحزبية، لذلك يختلف العراق عن مصر وعن الجزائر في رفض المواطن العراقي البسيط لنموذج القتل من اجل الاخر تحت عناوين براقة لنصرة المذهب، تحت أي عنوان كان، فالتطرف واحد ينطلق من ثقافة سلفية بعقلية سيوف الصحراء، النموذج الذي وظفته واشنطن بدهاء صهيوني فاق دهاء (أبو ناجي) أوائل القرن الماضي لاستعمار المنطقة، وافق قادة الإسلام السياسي في العراق على تطبيقه فيما رفضته الشعوب العربية في مصر والجزائر وتونس.
السؤال الثالث، كيف اعتمدت واشنطن على الإسلام السياسي في تنفيذ مخططاتها؟؟
يمكن للكثير من المحللين السياسيين الذين يعترضون على فكرة موت الإسلام السياسي بعد ان رفضت المرجعية الدينية العليا في بيان (جمعة الوضوح) أي تمويل خارجي للأحزاب العراقية، مراجعة مشروع القرن الحادي والعشرين الأميركي ، واليات تعامل قيادات الإسلام السياسي مع معطياته منذ تأسيس المؤتمر الوطني برئاسة المرحوم احمد الجلبي وافتتاحه مكتبا بتمويل أميركي في طهران حتى تشكيل مجلس الحكم على أساس نتائج مؤتمر لندن للمعارضة العراقية التي ما زلت قياداتها تهيمن على السلطات في العراق الجديد، وسياتي اليوم الذي تكشف فيه الوثائق البريطانية والأميركية عن هذه المباحثات، وفتوى ( الامر الواقع ) للتعامل مع الاحتلال الأميركي للعراق التي صدرت من بعض رجال الدين، شيعة وسنة، مرشدي الأحزاب الإسلامية، لدفع الضرر عن المذهب !!
السؤال الرابع، إذا وقعت الواقعة ونحن نسمع جعجعة السلاح النووي الروسي-الأميركي، اين سيقف العراق بسلطاته الحزبية المتعارضة ؟؟
الجواب في مراجعة بسيطة لتصريحات قيادات قوائم انتخابية اليوم، تؤكد ولاءها للسيد علي الخامنئي بصفته ” الولي الفقيه” ، مقابل تصريحات من الطرف الاخر ترى في نصرة السعودية الأفضلية ناهيك عن موقف طرف ثالث لا يخف تحالفه مع إسرائيل في الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان… مواقف مطلوب ان يتمعن بها الناخب عند صندوق الاقتراع !!