قراءة وتحليل . الحلقة الرابعة
بعد ما استعرضنا اشكاليات الخلاف بين التيار الصدري والاطار التنسيقي ، واثبتنا ان الخلاف الحاصل هو ليس خلاف ايدلوجي فكري ، ولا حتى يرتقي لان يكون سياسي في كيفية ادارة الدولة لخدمة الشعب العراقي ، بل ان الخلاف متمحور حول الشخصنة الفردية ، ولا يمكن ان نوصف الخلاف الحاصل على انه خلاف مصالح كسبية جماهيرية . بل ان موضوع الخلاف قد يتعدى ذلك وهو اكبر ما يمكن وصفه بأنه طارئ او حديث عهد ، بل انه صراع يمكن وصفه حول زعامة دينية فكرية عراقية.
فأن تركه الماضي تستحضر بثوب الحاضر ، وسوف لايقف مدها بل سوف تكون حاضره مستقبلا ايضا ، ويمكنني ان استعير مفرده هي ليست لطيفة ولكن اعتقد ان موضعها الان يأتي في محله…
ان الخلاف مع مقتدى الصدر كما قالها القوم من قبل للامام الحسين ع نقاتلك بغضا لابيك .
نعم من يرجع الى الوراء بالسنين الخمسة وعشرون عاما الماضية ويسترجع المواقف والاحداث وبالتحليل المنطقي الموضوعي يجد ان رائحة نصب العداء حاضرة في الماضي وقد ورثت للحاضر ولا استبعد ان تبقى متقده حتى للمستقبل .
فأن محورية الاختلاف الفكري للاسف الشديد قد تحول الى صراع نفوذ وزعامة وجود للهيمنة السلطوية ، وان سلطوية الزعامة الدينية اكثر نفوذ من السلطة السياسية نتيجة اكسائها ثوب القداسة .
وهنا يمكن ان نطرح تساؤل قد يكون غريب بعض الشيء ولكن فيه دلالة اثباتية لما تقدم من استقراء ، نستنتج منه الحقيقة المبحوث عنها .
من هم جماعة الاطار التنسيقي ؟ وهل ان اطراف الاطار تحالفوا كون المخرجات والمتبنيات لهم واحده !
والجواب على هذا التساؤل لايمكن حصره بنعم او لا ، الا اذا استبينا ذلك وفق عدة اطاريح فيكون ممكن الجواب مباشره بنعم او لا .
الاطروحة الاولى :-
نعم . ان جماعة الاطار التنسيقي متفقون وفق متبنيات فكرية وحزبية ولديهم تطابق مطبق بالمتبنيات ويتمتعون برؤية واحده واهداف مشتركة ولايوجد بينهم اي اختلاف من حيث الادارة والحكم في مسارهم لادارة الدولة ، وهذا ما مكنهم من ان يكونوا تحت مظلة واحده تجمعهم وهو عنوان الاطار التنسيقي ومصداق ذلك ما تم اطلاق من وصف لتجمعهم بالسفينة .
وهذا الوصف لم يأتي من فراغ بل له مدلول عقائدي ، بأن من ركبها نجى ومن تخلف عنها هواى ، هذا ما ارادوا بينانه وتبيانه .
وتحالف الاطار تواجد فيه كل الاطراف السياسية الشيعية عدى التيار الصدري .
وهذا ما يمكن ان يستدل به بأن التيار الصدري خالف الاجماع المتفق عليه لتمزيق لوحده الصف وخلق فتنه .
فأن هذا الاجماع المتمثل لكل التيارات السياسية الشيعية يعطي صبغة بأن الاطار التنسيقي لديه وحدة قرار و متطابقون بالموقف الموحد قولا وفعلا .
الاطروحة الثانية :-
لا . ان الاحزاب والحركات المنضوية تحت اسم وعنوان الاطار التنسيقي وإن كانت منهجيتها العقائدية تتبنى الفكر الشيعي في الانتماء الا ان المفاهيم والقرأة مختلفة ، وهذا مثبت وواضح واكيدا حسب ادبيات ومتبنياتهم الفكرية العقائدية وهم يقرون بذلك .
فضلا ان كل طرف في الاطار التنسيقي لدية توجه مختلف عن الاخر وليس هنالك ربط بينهم ، ولايوجد اي نكران للذات لديهم ، الا ان ما جمعهم مصالح انية ممكن ان تنتهي و تتلاشى بأنتهاء المصالح ، وان هذا التجمع المسمى بالاطار التنسيقي سوف ينهار ويفقد بريقه والمستقبل سوف يثبت ذلك .
وما يؤكد صحة هذه الاطروحة كان بأمكان هذه الاحزاب المتعدده ان تكون حزبا واحدا وليس احزاب ضمن كيان يجمعهم لو كانو ا فعلا متوحدين ، ولكن استطيع القول ان توحدهم هذا له مدلول وغاية كي يحافضوا على وجودهم لان الخطر الاكبر الذي يلحق بهم هو تسيد المشهد السياسي العراقي التيار الصدري متمثل بالسيد مقتدى الصدر .
فضلا ان الخلافات الجارية بينهم حاليا على اوج حدتها ومن المستحيل ان تبقى نارها تحت الرماد فسرعان ما سوف تخرج هذه النار ويكتوي بها الكل عند تقاسم المغانم .
الاطروحة الثالثة :-
ممكن القول بنعم . وممكن ايضا ان نقول لا . وهذا ناتج الى ظابط الايقاء النمطي لتحركات فرقاء الاطار التنسيقي ، حيث ان العامل الخارجي المتحكم بزمام الامور للمنظوين تحت مظلة الاطار لايملكون القرار من تلقاء انفسهم وهذا ما يمكن ان يبقي الاطار متماسك نتيجة انه لايدير نفسه بنفسه بل الوصي عليهم من يقوم بعملية التحريك لهم وهنا لاتوجد مشكلة ولهذا يمكن القول عنه بنعم .
واذا شهدنا تمردا من قبل بعض الاطراف اللذين في الاطار نتيجة عدم اعطائم ما كانوا يطمحون له من غنائم السلطة ، سوف نراى انقلابة وبروز الخلافات بين جماعة الاطار انفسهم . هنا يمكن القول لا .
هذه الاطاريح من وجهة نظري اجدها لاتخلوا من الصحة وتحديدا الثانية والثالثة فهما للواقع المقروء اكثر واقعية وفعالية من الاطروحة الاولى .
لو اننا شهدنا هذا السيناريوا في الاطروحة الثانية والثالثة وتم تحقق فحواهما ، ماهو شكل العملية السياسية وماهي اثارها على الواقع المعاش للشعب العراقي .
من البديهي ان الاثار سوف لا تكون تداعياتها فقط على الشعب رغم انه دائما الخاسر الاول في كل معادلة ، الا ان العملية السياسة سوف تتأثر ونتيجة هذا التأثر سوف نشهد تشضي وانشطارات تولد لنا ايضا احزاب جديدة تخرج من رحم المنظوين تحت مسمى الاطار التنسيقي لما للموضوع من مغانم وكسب سريع .
وهذا سوف يؤثر على واقع العملية السياسية بلحاظ كلما تعددت الاحزاب تشضى القرار السياسي وصعب جمعه ، وسوف نشهد خلافات اكثر وتعرقل للعملية السياسية ومخرجاتها سوف تؤثر سلبا على الشعب ، ولا استبعد ان يكون هنالك تعطيل لمؤسسات الدولة بل قد تنسف العملية السياسية ، اذا لم يجرى عليها تعديلات دستورية في شكل صياغة القوانين وتحديد ملابساتها ومتشابهاتها وتفسيراتها العديده التي تحمل عده اوجه للتفسير ، ومن اهم القوانين التي تحمي العملية السياسية هو قانون تشكيل وتنظيم عمل الاحزاب .
فأن فقدان القانون الذي ينظم عمل الاحزاب ويضبط حركة محوريتها السياسية ، فمن غير الممكن ان تتشكل احزاب دون رقيب وتمارس العمل السياسي وتشرع لنفسها الدعم في اباحة قبول الدعم المادي والمعنوي الخارجي لها ، وهذا ما يشوب عملها الغموض ويخالج مكنوناته الريبة والتحفظ ، في الوقت نفسة لا نرى اي دور رقابي على عملهم واصبح التعامل مع العدو الصهيوني لحزب معين شيء خاصا بهذا المكون ، والتعاون مع دولة جارة وتقديم مصالح تلك الدولة على مصلحة العراق امرا مقبولا ولا اشكال فيه ، واستلام الاموال والتخابر والتجسس لصالح دول اقليمية على الشركاء السياسيين من قبل بعض الاحزاب لمصالح تلك الدول ولزعزعة الامن وخلق الفتنة والاقتتال بين ابناء الشعب العراقي اصبح شطارة سياسية مقبولة .
فأن عدم الشروع من قبل المؤسسة التشريعية بأقرار وتشريع قانون عمل الاحزاب سوف يبقي الباب مفتوح على مصراعية للمخالفات والسرقات للمال العام واستباحة النفس المحترمة وتفرد وتحكم الاحزاب بقرارات ومصير العراق وشعبة ، وسوف نرى اكثر مما حدث ويحدث وما سوف يحدث .
ومن المؤكد ان الاحزاب يسعون جاهدين و لايريدون اقرار قانون الاحزاب حتى لايقيد حركتهم ويكشف مصادر تدفق المال لاحزابهم واين تذهب هذه الاموال ، وما هي محورية عملهم الحزبي فلا يمكن ان يقبلون بأن يكونوا تحت سلطة او رقابة تقيد وتشرعن عملهم الحزبي ….
نتيجة ان هذه الاحزاب تسيدت المشهد في العراق طوال الفتره المنصرمة واصبحت هي اكبر من الدولة ، لذا نرى الان شكل الدوله هرم مترهل لاقيمة واحترام وسيادة للدولة مقابل سطوة ونفوذ الاحزاب فيها ، وهذا ما يسعون له وتم تحقيقة فعلا وتحقيقا حتى اصبحت الاحزاب ومليشياتها هي الحاكمة النافذة المسيطرة على كل مفاصل الدولة ، لتكون هي الدولة العميقة صاحبة السيادة المطلقة .