23 ديسمبر، 2024 4:22 ص

حملت على رأسها طبق ٌ من خبز  وألتوت عباءتها على رأسها حتى اخمص قدمها أعترضها جائع يتكئ على عصا يتطلع فيها مبتسماً بابتسامة مريضة .

–         أعطيني .

قالت :

–         هذا للبيع .

–         ولو قطعة صغيرة … انا جائع .

–         هذا ليس لي .

–         لم هو فوق رأسك ِ ؟

–         أنه نصيب العائلة .

–         وهل البيت خال من رب البيت ؟

تطلعت في وجهه المصفر …

–         رب البيت مريض .

–         أليس هناك من يسأل عنه ؟

توقفت …

–         من تقصد ؟

–         القربى .. الجار .. سابلة الشارع .

نظرت إليه بعينين حزينتين .

–         الكل يشتكي من الفقر .

سحبته من يده …

–         ألست الان تستجدي .

أخشوشب في مكانه …

–         نعم .

–         اذا لم هذا السؤال ..!

–         تمنيت أن اعرف .

–         عجباً .

–         ألست انت ِ مثلي تبيعين خبزاً لقاء بعض الدنانير … أليس هذا استجداء .

–         استجداء شريف .

–         أنا أمد يدي للسابلة .

–         هل هذا عمل ٌ شريف .

–         ماذا اعمل كل الاشغال متوقفة … هم يدفعونني كي أستجدي ، أنا لست شحاذاً الجوع يأكلني .

تطلعت فيه مرة أخرى …

–         أعمل أي عمل كان .

–         ربما أسرق فهناك الكثير من يسرق حتى أنهم لم يسميهم أحد بالسراق .

( ههههههههههههه ) كان يضحك باستمرار حتى دمعت عيناه …

–         أتسرق … ومن تسرق ؟ تسرق الناس .

–         الخزائن بيدهم .

–         أحاول ان أكون مثلهم .

–         هذا مستحيل .

توقفت عن الكلام …

أقول لقد تعبت وتعجزين ان تمنحيني رغيفاً واحداً ولك ِ الأجر ..

–         وما هو أجري ؟

–         لك ِ أجرك ِ عند الله .

–         ولماذا الفقراء ؟

أتدري هناك الكثير من الأغنياء يمنحون الناس صحوناً من الطعام اذهب اليهم

–         يطردوني .

–         لماذا ؟

–         أنهم يفتشون عن أصحاب الأربطة .

–         أليس للفقراء حصة منه .

واقفاً كالمذهول وفمه مفتراً عن ابتسامة حزينة … أتعلمين يوماً وقفت على قدر كبير والناس محتشدين بيدهم صحونهم وانا انتظر من يسد جوعي .. آه ٍ لو تعلمين سرقت ماعوناً من طفلة صغيرة فشبعت ثم أرجعت لها ماعونها وهو ممتلئ ونظر احدهم الي ّ وكاد يضربني أتعرفين السبب ؟ لأنني شبعت .

–         سألني من أين انت ؟

هو يسألني وهو من مدينتي وانا من مدينته .

–         أعرف من أين انت .

–         من هذه المدينة .

–         ولماذا تستجدي ؟

–         وهل عندك عمل ينقذني من هذه المهنة القذرة ؟

ظل صامتاً يتطلع فيه … وانا اعرف ان الذهب يذهب جفاء كما الزبد ونحن صاغرون حتى نتعلم كيف نستجدي فصغارنا يبيعون الحلوى لقاء ثمن بخس … أتعلمين أن أمي تقف على ناصية الشارع حتى ان البعض كان يستجدي بعينيه حلاوتها .

ثم استدار في هذا الزحام الشديد واختفى ويعلم جيداً انه من الناس الذين يدفعون الثمن .