وحدوية القيادة الكردية بعد ابتعاد مام جلال عن واجهة الأحداث السياسية الذي يعرف باعتداله وعلاقته المتينة بالقيادة الشيعية ، وسيطرة القطب البرزاني على معالم قيادة الإقليم بمنهجه البراغماتي الغربي في نظرته للمعادلات الجارية ، وعودة الرؤية الشيعية الشبه موحدة تجاه بعض القضايا التي لطالما اختلفت عليها ، سيضعنا امام معادلة تنافر الواقع بين الشيعة والكرد من جهة وأولوية توحيد الرؤى المستقبلية من جهة اخرى .
الشيعة ومخاوفها من تقسيم العراق لها ما يبررها بسبب الدعم الامريكي تجاه مشروع بايدن لما يمثل من مفتاح لاضعاف الهلال الشيعي الذي يمثل محور الممانعة لما سيتسبب له من مؤثرات داخلية وارهاصات وحروب ستجعل اغلب الدول الشيعية تقاتل في مساحتها بدل ان تنتقل الى مساحات اخرى قد تكون مهيئة لها اكثر مستقبلا ً ، ومن جانب اخر المواقف السنية المتناقضة التي لم تعرف الاستقرار على رؤية موحدة تجاه حل المعضلة السنية في العراق لعدم وجود قيادة يتفق عليها اهل السنة او جزء منهم ، والجانب الاخر هو الأكراد وحلم الدولة القومية الذي لطالما تغنوا به .
الاكراد بين الحلم والواقع ، رؤية تحتاج الى اعادة صياغة ، الدولة القومية مستحيلة التحقق لما لوضع الاكراد من خصوصية وتشتت العنصر الكردي بين عدة دول كتركيا والعراق وإيران وسوريا ، والنظام الإقليمي الذي بني على توازن من نوع خاص ( شيعي – سني ) ولن يحتمل النظام الإقليمي عنصرا ً اخر يظهر على الساحة ، والمنطقة لا تسمح بوعد بلفور جديد قد تتبناه أمريكا مستقبلا ً ، لذا هم امام طريق واحد وهو التعامل مع العراق على انهم جزء منه ، ولكن عراق قوي مقتدر قد يبدد طموحاتهم التوسعية اذا جاز التعبير ، لذا الكرد سيختارون البقاء ضمن العراق الموحد الضعيف ، مما يهيىء لهم بأتساع دورهم وتأثيرهم في قواعد اللعبة السياسية اذا ما اغتنموا فرصة بحث أمريكا عن موطيء قدم فسيحصلون على ميزة لا يستطيع الحصول عليها لا الشيعي ولا السني ، وسيغتنمون الحاجة الشيعية الملحة لهم كونهم يمثلون الحليف الاستراتيجي لهم بسبب تركز الخلاف الطائفي في المنطقة حتى وصل ان تقام الأحلاف على أساس الطوائف ، فالكرد أمامهم فرصة اللعب على الحبلين وكسب الدعم من الجانب الشيعي لضمان بقائهم في عراق موحد من جانب وزيادة زخم العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية لضمان الدعم العسكري اذا طرء طارىء ، اما الشيعة فوحدة العراق تعتبر مكسبا ً لهم بكل الأحوال اذا ما قورن بمجاورة الدولة التي تمتد من أطراف بغداد الى الرقة السورية التي سيكون قادتها المتطرفون عادة ً ، وسيحتاجون الى التدخل وتقوية ودعم شخصية اخرى داخل الإقليم تتميز بالاعتدال وبعد النظر والعلاقة الجيدة المقرونة باتفاقيات طويلة الامد لضمان عدم تفرعنه مستقبلا ً والدفع به كمنافس للقطب الأوحد ” برزاني ” او على الأقل اعادة نظام القطبين داخل الإقليم .