26 نوفمبر، 2024 5:19 ص
Search
Close this search box.

حوارات في المقدس/الجزء الرابع

حوارات في المقدس/الجزء الرابع

لماذا خلقنا الله تعالى؟.. سؤال يتردد في داخلي، وتردد في دواخل الكثيرين قبلي واجاب الكثيرون عنه باساليب فلسفية تفتح الابواب لاسئلة اخرى كثيرة، وعقلي لايحمل طبعة دينية او فكرة مادية، انما عقل انسان بسيط تعود على الشك والتساؤل حين وجد نفسه مخلوقا في مكان تحفه الصراعات من اجل الله، الكل في بلدي منذ خلقت والى الان يريد ان يقاتل في سبيل الله، ويتمنى الموت في سبيله والشهادة لاجله، وكل التاريخ الذي قرأناه في المدارس كان يتحدث عن ابطال الاسلام الذين قاتلوا وقتلوا في سبيل الله، حتى عشقناهم جميعا يوم كنا يافعين، ولم نعشق الله مثل عشقنا لهم، عشقنا الحمزة عم النبي بعد ان شاهدناه في فيلم الرسالة يصفع ابا جهل باسم الله ويقول له: ردها علي ان استطعت، وقبل فيلم الرسالة ما كنا نعرف عنه الكثير، وللان لا اعرف ان كان هو المقصود ام غيره حين كنت اسمع بعض أقراني وهو يحلف احيانا أو يسب احيانا اخرى (الحمزة ابو حزامين)، وعشقنا الحسين لانه قاتل وقتل في سبيل الله وحيدا عطشا، لاناصر له ولا معين، وعشقنا أخيه العباس لانه قدم اعلى امثلة التضحية والايثار والفداء، ولم نعشق اخيهما الاكبر الحسن لاننا لم نسمع انه قاتل في سبيل الله، عشقنا خالد بن الوليد لانه هزم الروم بمعركة فيها حنكة وذكاء القيادة والفروسية، وبعد ظهور داعش عرفنا أنه كان اول داعشي في الاسلام حين كفر مالك بن نويرة وقطع راسه ووضعه مع النار تحت قدر الطعام ليرهب المرتدين ثم زنى بزوجته، وعشقنا ذاك أنسانا موقفه في معركة احد قبل اسلامه، بل اضفناه الى مناقبه وحكمته وعبقريته، وعشقنا طارق بن زياد لاننا عبرنا معه باحلامنا الصغيرة الى الاندلس، ولم نعرف انه مثل اخرين كثيرين سابقا وحاضرا اتهم بالفساد ونهب المال العام فكان أول من عذب كثيرا وشديدا بمثل هذه التهمة، ولم نعرف ماذا حل به بعد ذلك، وعشقنا موسى بن نصير فاتح افريقيا الذي عذب طارق بن زياد، ولم نعرف ايضا انه هو ايضا عذب اشد العذاب من قبل الخليفة الاموي لسرقته ونهبه المال العام، فكان ثاني من يتهم بالاسلام في هذه التهمة، ولكنه كان كغيره يقاتل في سبيل الله..
معارك الاسلام الاولى تقاتل فيها ابناء العمومة في سبيل الله، قريش حاربت نفسها بنفسها ، قسم منها باسم الله الذي نؤمن به الان، وقسم اخر باسم الالهة هبل واللات والعزى الذين للاسف لم تسنح لنا الفرصة بخلقهم وقضمهم والتلذذ بطعمهم، معارك الاسلام المتقدمة الاخرى مع الفرس والروم ثم الحروب الصليبية كانت كلها في سبيل الله، ثم حصل ولاول مرة في تاريخ البشرية ان يتقاتل الجميع من اجل نفس الاله، وهكذا كان في اوروبا المسيحية قديما، ثم جاءت حروبنا الان مع داعش وهي نسخة مكررة للحروب المسيحية القديمة، فنحن ايضا نتقاتل باسم الله، نحن الشيعة نظن ان ابناء العامة كما نسميهم على خطأ وانهم ضالون، ونحن السنة ايضا نؤمن ان الشيعة كافرون مشركون، نحن الشيعة ندعو ابناء السنة للايمان بمانؤمن، ونحن السنة ندعو الشيعة للايمان بمانؤمن،مع ان مانؤمن به جميعنا هو الله الذي جعلنا من انفسنا مقاتلين لاجله ومدافعين عن جبروته..
في اوروبا وقبل مايزيد اليوم عن اربعمئة عام بقليل جدا، حدث أن غضب المسيحيون البروتستانت من المسيحيين الكاثوليك لانهم أقاموا مواكب دينية فيها جلد للذات ولطم وعويل واناشيد وما الى ذلك، فعمت الفوضى والاضطرابات وبدات حربهم التي سميت حرب الثلاثين عاما، قتل المسيحيون فيها بعضهم بعضا، حرقا وقطع رؤوس وتمثيلا في الجثث كما تفعل داعش اليوم تماما، وكل ذلك كان باسم الله ودفاعا عنه ، حتى قل عدد الرجال في بلدانها الى حد خطيرآنذاك، ما استدعى الى اصدار اوامر باسم الله ومخالفة لتعاليمه في ان على الرجل ان يتزوج امرأتين.. فعرفت الان كيف اننا نحن ابناء السنة نعترض انفسنا نحن الشيعة حين نقيم مواكبنا الدينية فنزرع العبوات الناسفة في الطريق ونرسل لهم باسم الله احزمة ناسفة..
امرنا الله ان نقاتل عدوه وان نرهبه وان نعد له ما استطعنا من رباط الخيل.. حين كانت الخيول اساس عدة اجدادنا في المعارك واليوم علينا ان نعد لهم ما استطعنا من قنابل نووية وصواريخ بالستية واحزمة وصهاريج مفخخة حتى نجبرهم على الرضوخ لامر الله وان يكونوا منا وليس علينا.. وايضا امرنا الله بالجنوح الى السلم ان جنح عدوه له، ولكن مع إقراره بالايمان بمانؤمن وليس ببقائه على ماهو عليه، فما دمنا على هذه الارض نتنفس الهواء ونشرب الماء فلا يجوز لنا ان نترك عدو الله سالما غانما مالم يرضخ لمانؤمن به..
ومنذ الخليقة وهبوط ادم وحواء وظهور الاديان، ونحن نتقاتل دفاعا عن الخالق، فلم يظهر نبي او رسول الا وعاش حروبا دامية ضد الذين يعترضون رسالته ويكذبوه، وكان اخرهم نبينا محمد الذي قال ان امتي ستتفرق الى سبعين فرقة، واحدة منها في الجنة، فظن كل منا انه من اصحاب الجنة، وتركنا نتقاتل فيما بيننا مرة باسم الله ومرة باسم عباده الذين جعلوا من انفسهم خلفاء لله او حججه علينا..
قاتلنا الفرس ثمان سنين، هم قاتلونا باسم الله وخليفته خميني، ونحن ايضا قاتلنا باسم الله والخليفة السادس صدام، الفرس لم يقولوا لخميني اذهب انت وربك فقاتلا، ونحن ايضا قلنا للخليفة السادس إنا معك مقاتلون، الشيعة العراقيون كانوا مقاتلين اشداء ضد الشيعة الفرس، ولم يقاتلوا خوفا من صدام بل قاتلوا قتال الابطال ايمانا بهيبته وقوته..
ولكننا جميعا في النهاية قلنا للخليفة السادس يوم جاء الدين الجديد (اميركا) وآمنا به سريعا، قلنا له كما قال قوم موسى: (انا لسنا داخليها فاذهب انت وربك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون)..
المسلمون الاوائل من قريش آمنوا بالدين الجديد لان النبي محمد اعطاهم الامل بالحرية والعدالة والمساواة وقد تحقق ذلك لهم في حياته وبعدها بقليل..
والاله (بوش) قدم لنا الوعود بالديمقراطية والعدالة والمساوة ومازلنا ننتظر!!! ثم سمعنا من المحيطين به، ان احتلال العراق لنشر الدين الجديد فيه، كان سهوا وخطأ مطبعيا.. فلم نعد نعرف باي دين نحن مؤمنون، ولأي اله نحن تابعون.. 

[email protected]

أحدث المقالات