23 ديسمبر، 2024 1:33 م

حوادث الطرق إرهاب من نوع آخر

حوادث الطرق إرهاب من نوع آخر

لا يكاد يمر يوم من الأيام, إلا وسمعنا أن هناك حادث مروري واحد أو أكثر, هنا أو هناك, يودي بحياة كثير من المواطنين, ويصيب عدد آخر منهم, بإصابات متفاوتة, تتراوح بين العقوق التام وفقد الأعضاء, والإصابات المتوسطة والخفيفة.
لا يقتصر عدد الحوادث على محافظة دون أخرى, ولا مدينة دون سواها, لكن بالمجمل تحتل مدن الجنوب المرتبة الأولى في ذلك, وتأتي محافظة ذي قار في مقدمة المحافظات العراقية بعدد حوادث الطرق.
طرق الموت أصبحت كثيرة, وانتشرت على مساحة واسعة من أرض الوطن, وشاهدنا مرات كثيرة, إن بعض أهل المناطق التي يذهب أبناءها ضحايا لهذه الحوادث, يقومون بالتظاهر وقطع تلك الطرق لكن دون جدوى, مع غياب تام للحلول العملية للخلاص من هذا الارهاب الذي يفتك بنا اكثر مما فتك الارهاب التكفيري المسلح.
شهدت ذي قار عام 2016, اكثر من 4265 إصابة, منها 264 إصابة مميتة بحسب ما صرح به الدكتور جاسم الخالدي مدير عام صحة ذي قار لقناة الحرة عراق, كما إن عام 2017 منذ بدايته ولحد الآن, شهد أكثر من 1000 إصابة منها 102 حالة وفاة.
أسباب الحوادث كثيرة, وأهمها إن نوعية الطرق الموجودة هي طرق رديئة, وحتى الخط الدولي هو خط متهرئ, وتشمل منطقة جسر فهد منه على أسوء مقطع فيه, كونها بممر واحد بحفر و”طسات” كبيرة, كما إن أغلب الطرق -وخصوصا في ذي قار- هي ذات ممر واحد, رغم انها تربط المحافظة بالمحافظات المجاورة وقد كانت هذه سياسة استخدمها البعث لحرمان هذه المحافظة حيث ان جميع مداخلها هي ذات ممر واحد.
الأمر الأخر هو عدم خضوع السيارات للسيطرة النوعية, وفُتِحَ الباب على مصراعيه لاستيراد السيارات, حتى المعطوبة منها, أو ما يسمى بالوارد الأمريكي, وعدم وجود وكالات رسمية, تأخذ على عاتقها سحب السيارات من الأسواق, في حالة اكتشاف خلل مصنعي فيها, كما حدث مع سيارة تويتا كامري, حيث تم سحب 20 ألف سيارة من الأسواق الأمريكية, لوجود خلل في نظام المكابح, وكذلك سحب أحد موديلات سيارات فولكس واكن, لوجود خلل في نظام العادم وزيادة الانبعاثات الضارة.
طيش السائقين وتهورهم والسرعة العالية, أسباب أساسية لحوادث الطرق, كما إن الفساد في آلية صرف إجازات القيادة, ساعدت هؤلاء الطائشين للحصول عليها والتمادي في تهورهم.
حوادث الطرق أمر خطير! فالخسائر البشرية تضاف إليها ملايين الدولارات من الخسائر المادية, تحتاج إلى وقفة جدية لمعالجتها, ولكون الدولة تمر بشلل تام في المشاريع الخدمية والتنموية, ولا وجود لإمكانية آنية لإنشاء طرق بمواصفات عالمية, فإن الحلول تبقى منحصرة باتجاهين: الأول هو تفعيل السيطرة النوعية, ورقابة استيراد السيارات, والأمر الآخر هو السيطرة على السرع العالية, من خلال نصب الكاميرات الثابتة والمؤقتة, وتفعيل دور المرور في اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المخالفين.