ان مهام أية حكومة من خلال مؤسساتها التنفيذية تهدف بشكل عام الى “تنفيذ السياسة العامة في حفظ الأمن الداخلي وتوطيد النظام العام وحماية الحقوق الدستورية” وبشكل خاص الى “حماية أرواح الناس وحرياتهم والأموال العامة والخاصة وضمان سلامتها من اي خطر يهددها ومنع ارتكاب الجرائم واتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبيها ، ويعتبر مبدأ منع الجريمة قبل وقوعها من أولى دعائم النظام، وأهم مبادئ الأمن ، وهو في هذا السياق يعتبر أحد أُطر الدفاع الاجتماعي الذي يأخذ بعداً وقائياً للحيلولة دون وقوع الجريمة بإجراءات قصد منها أولاً وأخراً حماية المجتمع، ان المواطن المتتبع للحدث لمعرفة حقيقة ما جرى لانه يقف وسط حلقة مفرغة من المعلومات المشوشة وسيناريوهات الرعب والخراب والخوف وخطوره الحوادث التي وقعت موخرا (باقتحام مبنى مكافحة الارهاب) ولقراءه الحوادث المتشابهة والمتكرره للوقوف على تلك التداعيات من وجهه نظر مهنية.
استعراض مختصر وحسب التسلسل الزمني لحوادث اقتحام المباني الحكومية المهمة التالية
1. بتاريخ 13/6/ 2010 حادث اقتحام البنك المركزي العراقي والمحصلة (46 شهيدا وجريحا).
2. بتاريخ 5/9/2010 حادث اقتحام مقر عمليات الرصافه في مبنى وزاره الدفاع القديمه في باب المعظم والمحصله (48 شهيد وجريح).
3. بتاريخ 29/2/ 2011حادث اقتحام مبنى مجلس محافظه صلاح الدين اثناء اجتماع مجلس المحافظه والمحصله (165 شهيد وجريح).
4. بتاريخ 8/5/2011 الحادث الاول لاقتحام مبنى (مديريه مكافحة الارهاب والجريمه المنظمه الكائن بالكراده) والحصله (16).
5. بتاريخ 14/6/ 2011 حادث اقتحام مبنى (مجلس محافظه ديالى) والمحصله ( 37شهيد وجريح ).
6. بتاريخ6 /6 / 2011 محاوله اقتحام مبنى ( المجمع الحكومي لمدينه الرمادي بحافظه الانبار) والمحصله
( 16شهيد وجريح ).
7. بتاريخ 15/1/2012 حادث اقتحام مبنى مديريه التحقيقات الجنائيه بالرمادي والمحصله (18 شهيدا وجريحا).
8. بتاريخ 31 / 7/ 2012 الحادث الثاني لاقتحام مبنى (مديرية مكافحة الارهاب والجريمه المنظمه الكائن بالكراده) والمحصله ( 36 ).
9. بتاريخ 28/12 / 2011 المحاولة الاولى اقتحام ( سجن الحوت في التاجي ) والمحصله (46 شهيد وجريح ).
1/8/ 2012المحاوله الثانيه اقتحام ( سجن الحوت في التاجي ) والمحصله ( لم يصرح بها )
10ـ محاوله اقتحام مبنى محافظه الديوانية والحصلة (53 بين شهيد وجريح).
هناك حوادث عديده متشابهه وقعت في اقضيه ونواحي متفرقه بالعراق ( اقتحام مدينه حديثه والبغدادي وكبيسة).
الاسلوب الاجرامي للحوادث اعلاه
في جميع الحوادث ان الجناه يرتدون الزي العسكري ويستقلون سيارات حديثه واستخدام اسلوب المفاجئه واختيار توقيتات تكون فيها القوه بحاله من الاسترخاء وكافه الحوادث تفجير الباب الرئيسي واحداث الفوضى ليتسنى للارهابين الدخول للمبنى
االتخبط الحكومي بعد كل حادث
1. تباين بالتصريحات والروايات الحكوميه عن الروايات الاعلاميه عن روايات شهود العيان.
2. في جميع الحوادث اعلاه شكلت( لجان تحقيقيه) بامر من رئيس مجلس الوزراء ولم تظهرنتائج التحقيق
3. في جميع الحوادث لايوجد متهمين تتوفر ادله واضحه ضدهم بل وجود مجرد (مشتبه بهم).
4. تعدد جهات القبض في قضيه واحده (الجهات العسكريه بالوحدات والجهات التحقيقة).
5. تعدد جهات التحقيق في قضيه واحده.
نستنتج الاتي
1. فشل نقاط التفتيش المنتشره بالعاصمة والمحافظات واصبحت عبئا على المواطن والدولة.
2. غياب الخطط الامنيه للمحافطه على امن المباني في حاله وقوع حوادث مماثلة.
3. التعتيم على نتائج التحقيق بالحوادث اعلاه وعدم عرض قرارات المحاكم الصادره بحقهم.
4. غياب اللجان التحقيقيه للحوادث المهمه وتفرغ (فريق عمل) لحين اكتشافها ,وتشكيل ورش عمل تعقب الانتهاء من التعامل مع كل حادث ارهابي يشارك فيها كل من ساهم في التعامل مع مسرح.
5. افتقارنا لارشيف للحوادث المهمه وللاحصاءات الدقيقه عن واقع الحوادث الارهابية المهمة.
6. عجز الاداء الاستخباري من اداء مهامه.
7. غياب الاعتماد على النواحي العلمية التطبيقية الحديثة في مواجهةالأعمال الإرهابية، وفي مقدمتها تطبيق الأساليب العلمية الحديثة في تحديد مرتكبي التفجيرات الإرهابية، لاسيما وأن تحديد مرتكبي التفجيرات الإرهابية، لاسيما وأن الإرهابيين أصبحوا يعتمدون على التخطيط، والتنظيم، واستغلال التطور العلمي والتكنولوجي في تنفيذ عملياتهم الإرهابية.
تهدف هذه العمليات
1. محاولات لتوجيه رسالة بعدم قدرة قواتنا الامنية على مسك زمام الملف الامني.
2. أن هذه العمليات ليس هدفها استمرار الاضطراب الأمني وزعزعة الاستقرار فحسب بل أيضاً إقناع المواطنين أن الدولة ستنهار بطريقتين الأولى: منها فقدان الثقة بحكومتها ومؤسساتها الأمنية وبالتالي سهولة إسقاطها. والثانية: الصراع الجاري على السلطة والكراسي بين المكونات التي تدير العملية السياسية والتي اشتركت منذ البداية سيكون الحاسم في حدوث انشقاقات وخلافات تؤدي إلى النزاع المسلح مما يضعف الجميع.
ان الانشغال بالشأن السياسي والصراع السياسي اليومي يجعل الدولة كلها منشغلة بمعارك ثانوية بعيدة عن الحرب الحقيقية مايسمح بوجود مناطق رخوة ينفذ منها منفذو تلك العمليات. لأن العمل الأمني من المفترض ان يكون منفصلا عن العمل السياسي، والشرطي الذي ينحصر واجبه باكتشاف المتفجرات غير معني بخلاف المالكي وعلاوي كما هو مفترض. والضابط الذي يضع الخطط الامنية غير معني بخلافات اربيل وبغداد. بمعنى ان الواقع الامني لايمكن ان يكون انعكاسا للواقع السياسي الا بوجود خلل ما.
ان الواقع الامني هو انعكاس للواقع السياسي وشبيهاتها فهي الاخطر والاكثر احراجا لمشروع التعايش اننا نخشى من هذه العمليات ان يحلينا الى مناخ امراء الحرب وملوك الطوائف اكثر من واقع الأشتراك في الوطن ، او علمهم بها في الاقل امرا يمكن تصوره في هذا المناخ القاتم، خصوصا بعد توافر معطيات اكدت لاكثر من مرة ضلوع شخصيات سياسية في اعمال عنف سابقة
فاذا كان ذلك الفاعل الشبح اقليميا لم لايتم اتباع ماتتبعه الدول الاخرى للحفاظ على امنها الوطني في مثل هكذا حالات بالرد بالمثل او باشراك المجتمع الدولي او باستخدام سياسة الصفقات او باعتماد طرق الردع الاستباقية؟ واذا كان هذا الفاعل محليا لم لايجري تحجيمه والاتفاق على محاربته من الجميع بغض النظر عن انتماءاتهم وجعل الجميع بمواجهة مسؤولية الحفاظ على امن العراق ومواطنيه، او فضح المتورط وتقديمه للقضاء ان كان من الذين يوظفون الامن كورقة سياسية؟ ووجود هؤلاء غير مستبعد في ظل وجود تراث من الفكر الانقلابي الذي لم تفلح الديمقراطية في عقلنته.
الخلاصه
ان عدم اكتشاف الجرائم المهمه سينعكس سلبا على الامن الوطني والامن الاجتماعي واصبحت هناك ضروره ملحه لاصلاح القطاع الامني واعتماد الكفاءات لا الولاءات الطائفيه والقبليه والمناطقيه وابعاد الامن عن السياسه هو المخرج الوحيد للمهنيه والاداء الناجح وهناك مسووليه كبيره امام لجنه الامن والدفاع البرلمانيه بالسعي للتعجيل من تسميه وزيري الدفاع والداخليه واعاده النظر وفق معايير مهنيه باختيار روؤساء الاجهزه الامنيه والكف عن(التعيين العائلي) والقربى وفصل (السياسه الامنيه )عن (السياسه الدفاعيه) واعتماد (سياسه جنائيه) واضحه المعالم وتطوير مركز البحوث بوزاره الداخليه لدراسه الظواهر الاجلراميه والحوادث بشكل علمي بعيدا عن (الامن العشوائي )ومراجعه لكل الحوادث الغير المكتشفه التي سجلت ضد مجهول .