23 ديسمبر، 2024 4:50 ص

حمّودي الحارثي قامة “سليم بصريّة” كادت تعبر “التأفأف” العراقي وتعيده لجادّة الاسترسال

حمّودي الحارثي قامة “سليم بصريّة” كادت تعبر “التأفأف” العراقي وتعيده لجادّة الاسترسال

اعتقد هو “التحجّر” فلكلّ شعب ناهض مداه ثمّ ينكمش , هي سنّة الحياة .. نحن العراقيين يمثّل بعضنا على بعض “أهل الحواضر” لا البادية ولا الريف , ولذلك نحن فاشلون في حرفة التمثيل , رغم أن لا حرفة تمثيل لدينا لأنّ الحرفة مصطلح واسع ودال , ترى الدرامي عندنا يُطيل التأفّف وكأنّه لا يعلم ماذا  سيقول في عبارته الّلاحقة وكأنّه يبحث من تأفأفه عن “حجّة” حسنة يُنهي بها مشهده التمثيلي من مقطع معيّن , والرجل لدينا يستفسر كثيراً أثناء لقائه صديق له “شلونك أحوالك بعد شلونك أمورك ان شاء الله بخير شلونك بعد الحجّي الحجّيّة إن شاء الله زين .. , ويحبّ التلذّ بشراهة : “أيّباااااااااه شلون جاي سنكييييين أييييباااه” وبصوت أجشّ فإن لم يكن صوته أجشّ يتصنّعه مُجشّاً , مرّت جميع الأهوال الّتي شهدها ويشهدها العراق والعراقي الحضري هو هو يكرّر نفسه حتّى وهو مُتعب ! , والمرأة “الحضريّة” تتقابلان ورفيقتها أو قريبتها “مباوس” لا ينقطع إلاّ بصعوبة هو أشبه بالتصفيق لستالين , ويا ويل من يتوقّف أوّلاً عن التصفيق , كما يصف ذلك الأميركيّون ! تقضي مع ضيفتها نصف التحيّات على باب الدار والبقيّة عند الجلوس في فناء الدار ثمّ ليستمرّ “الحديث” المليئ ب “الكصّ” والكباب وبالتشييش وبأنواع المقبّلات , لتكمل نصف الحديث “والعتاب” على باب الدار وقوفاً عند عتبته مرّةً أخرى والضيفة في طريقها للمغادرة ! ومن يجلس في الدار وبابها مفتوحة “لإكمال الحديث” يشبع برداً في الشتاء ! ..

 ( حمّودي الحارثي ) مخافة فقدانهم من الذاكرة كما نفقد اليوم ذاكرتنا الحضاريّ الآثاريّة , هو وفريق “حجّي راضي” للتمثيل “فرقة الزبانية” كاد يشذّ بالعراقيين عن هذه القاعدة “اللئيمة” في العادات المتحجّرة “أي أوقفت استرساله الحضاري وتحجّر” من تقاليد العراقيين وكادوا مجتمعين مضاف إليهم فتى الشاشة العراقيّة “وجيه عبد الغني” ولربّما كان سيعبر “للعربيّة” بمصاف فريد شوقي ومضاف إليهم خليل الرفاعي وقاسم الملاّك سيمسحون عبر مسلسلاتهم الكوميديّة “التحيّة العراقيّة” المصطنعة ولعبروا بالسينما العراقيّة نحو آفاق العالميّة بدل ما هي عليه من “سذاجة” وعراقيّة صميميّة لا تلقائيّة فيها ! مستفيدين من الخصلة الوحيدة لدى العراقي الأجشّ المتلذّذ “التعمّق الفريد في القراءة” والّتي لا تستفيد منها سوى أجهزة المخابرات العراقيّة ! لكنّ الأقدار “والتكالب السياسي” الداخلي والخارجي على البلد أفقد استرسال البلد في الظهور التثقيفي والانتشار في محيطه الّذي قادته السينما المصريّة بجدارة بدلاً عنه رغم أنّ “جورج سادول”  ذكر: “الغرب عزم أوّل الأمر أن تبدأ السينما العربيّة من بغداد”  .. نظراً لتأثيره القويّ على الأجيال السابقة بعد ثورة 14 تمّوز المباركة الّتي قضت على “الأنا” الفرديّة “الملكيّة” , كثيراً ماكنت أستعرض إمكانات حمّودي الحارثي بعد عبوري مراحل لاحقة من حياة الصبا وبعد أن أفقت على مفهوم  اسمه “إدراك” بدأت أدركه .. وتقييمي للحارثي هو الآخر مرّ بمراحل أخضعه بعض الأحيان لتحليلي المتواضع عن قدراته “الساخرة” كنت أتوصّل دائماً ومع كلّ مرحلة من مراحل عمري ؛ على مقاسات فنّانون اجتازوا القطريّة إلى العربيّة , فأبعد , إلّا فنّاننا فهو دائماً محدود القدرات , وفي مرحلة أخرى أتوصّل إلى أنّ الحارثي “اللهجة المصريّة حدّدت إمكانيّاته” وفي مراحل متقدّمة أعزوه “لشحّة النصوص الكوميديّة” وفي النهاية توصّلت إلى أنّ الحارثي ضمرت قدراته التمثيليّة “العفويّة” المتفوّقة على الساحة العراقيّة لعدم وجود حاضنة سيمائيّة حقيقيّة في البلد , على العكس من “سليم البصري” يُعتبر حاضنة دراما تراجيديا لوحده لذلك عبر بمن معه الزمن العراقي لفترة كادت تستمرّ “لغرابته عن المجتمع العراقي” الّذي لازمه الزمن يقضي فرده نصف حياته فيه في السلام وفي التأفأف وعلى عتبة الدار ! ..