في ايام الحصار الظالم على العراق بعد ان اجتاح النظام الصدامي دولة الكويت عام 1991 وما ترتب عن ذلك الاجتياح الهمجي من مآسي وويلات كثيرة تحملها الشعب والجيش حتى يومنا هذا . فكان الحصار قد قتل كل شيء الامر الذي اضطر العديد من العراقيين للهجرة الى خارج العراق عن طريق الاردن وحتى الحيوانات اصبحت تهاجر لكن هجرتها كانت افضل بكثير من هجرة الانسان فلا جواز سفر ولا تفتيش ولا رعب الاجهزة الامنية ، وعند الحدود العراقية الاردنية ( طريبيل ) آنذاك التقيا القط الهارب من الحصار مع الحمار الذي جاء من الاردن الى العراق فسأل الحمار القط : لماذا انت هارب من العراق ؟
فقال القط : لقد اصبحت الحياة مع العراقيين اشبه بالمستحيلة فالجوع قد نخر معدتي ، فلا طعام زائد ترميه العوائل في مزابلها كما في السابق ، لا بل اصبح بعضهم يبحث عن الطعام في تلك المزابل ، ولهذا قلت في قرارة نفسي ان اهاجر الى الاردن علني اجد ما يسد رمقي في مزابلها .
فقال له الحمار: حسناً فعلت ايها القط الطيب .
ثم سأل القط الحمار : وانت الى اين ذاهب ايها الحمار الطيب ؟
فقال الحمار: لقد سمعت عبر العديد من الاذاعات وقرأت في الصحف ووسائل الاعلام ان العراقيين يعيشون عيشة ( الزمايل ! ) داخل العراق بسبب الحصار الظالم ! فقلت في قرارة نفسي عليّ ان اعيش كما يعيش( ربعي ) ولهذا انا متوجه الى العراق .
ثم توادعا الحمار والقط .!
قد تكون هذه القصة الفنتازية هي نسج من الخيال العراقي لتعكس هول المآسي التي تعرض لها اهلنا داخل الوطن ايام ذلك الحصار .
وهكذا مرت سنواته على العراق مثل كابوس مظلم حتى جاء عام 2003 وسقط الصنم من عليائه لكن الفرحة لم تتم فتناوب اللصوص والعملاء والطائفيين والقتلة على ذبح الشعب العراقي عبر عملياتهم الارهابية اليومية ولسنوات طويلة تلت سقوط النظام الذي تهاوى ما بين ليلة وضحاها وحتى الحيوانات داخل العراق لم تسلم من تلك العمليات الارهابية فقام مجاهدوا الارهاب بتفخيخ حتى الحمير ! وقد شاءت الصدف ان يهرب احد حمير مدينة الرمادي ليلتجأ الى واحدة من قواعد المارينز الامريكية ، والمعروف عن الحمير العراقي بشكل عام انها حمير طيبة القلب تعمل كثيراً ولا تأكل إلا القليل ولهذا استخدمها الانسان منذ آلاف السنين لفوائدها الكثيرة ومنافعها للانسان ، لقد جاء حمارنا الى المارينز وهو مثخن بجراحاته بعد ان رفض العمل مع مجاهدي الارهاب ورفض تفخيخه ليقتل الابرياء ، فما كان من المارينز غير معالجته من جروحه التي كانت كثيرة في ساقه ورأسه وتم اطعامه على احسن حال وكسوته ، كان ذلك منذ عامين ، ولطيبة قلب حمارنا المسكين فقد احبه جنود المارينز واطلقوا عليه اسم ( سموك ) بمعنى الدخان وقد قررت قيادة الوحدة اعتبار (سموك) أحد العاملين فيها بسبب منع تواجد اي حيوانات أليفة داخل القواعد العسكرية الامريكية . حمارنا كسب قلوب الجنود الذين ارسلوا صوره لاطفالهم الامر الذي جعل من الحمار موضع صراع بين جنود القاعدة وشيخ عشيرة عراقية يطالب بمبلغ 30 الف دولار مقابل تنازله عن الحمار حين سمعوا انه سوف يذهب الى الولايات المتحدة الامريكية ويمنح اللجوء الحيواني ! .
يقول الجنرال جون فولسوم عن سموك العراقي ( ان الحمار رمز للتواضع والسلام ) ، لقد عمل سموك معنا باقصى قدرته لجعل عوائلنا اكثر سعادة !
واخيراً وصل حمارنا الى ولاية نبراسكا وهو يرتدي افضل الثياب معززاً مكرماً من قبل الاعداء والمحتلين ! هذه الحادثة تلقي بظلالها على الحكومة العراقية الجديدة وهي ترى يومياً الآلاف من العراقيين يرزحون تحت خط الفقر والمرض والجوع فهل تلتفت تلك الحكومة لشعبها كما التفتت القوات الامريكية لحميرنا ، لكن لا حياة لمن تنادي ، فالجميع مشغول بتقسيم الغنائم عبر المناصب العليا والدنيا ! فاذا كان حمارنا رمزاً للتواضع والسلام كما قال الجنرال فولسوم ، فأن حميرنا داخل المنطقة الخضراء هي رموز للسرقة والفساد وتدمير الوطن وتقسيمه !! .